مُعِينًا لِهَذَا، كَمَا لَا يَكُونُ الشَّيْءُ مُعِينًا لِنَفْسِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، فَالْقُدْرَةُ الَّتِي بِهَا يَفْعَلُ الْفَاعِلُ لَا تَكُونُ حَاصِلَةً بِالْقُدْرَةِ الَّتِي يَفْعَلُ بِهَا الْفَاعِلُ الْآخَرُ، بَلْ إِمَّا أَنْ تَكُونَ (?) مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ، وَهِيَ قُدْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ تَكُونَ حَاصِلَةً بِقُدْرَةِ غَيْرِهِ كَقُدْرَةِ الْعَبْدِ، فَإِذَا قُدِّرَ رَبَّانِ مُتَعَاوِنَانِ (?) لَا يَفْعَلُ أَحَدُهُمَا حَتَّى يُعِينَهُ الْآخَرُ، لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ بِقُدْرَةٍ لَازِمَةٍ لِذَاتِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ قُدْرَتُهُ حَاصِلَةً مِنَ الْآخَرِ ; لِأَنَّ الْآخَرَ لَا يَجْعَلُهُ قَادِرًا حَتَّى يَكُونَ هُوَ قَادِرًا، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ قُدْرَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ نَفْسِهِ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا قُدْرَةٌ بِحَالٍ.

فَتَبَيَّنَ امْتِنَاعُ كَوْنِ الْعَالَمِ لَهُ رَبَّانِ، وَتَبَيَّنَ امْتِنَاعُ كَوْنِ وَاجِبِ الْوُجُودِ لَهُ كَمَالٌ يَسْتَفِيدُهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَتَبَيَّنَ امْتِنَاعُ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي وَاجِبِ الْوُجُودِ غَيْرُهُ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْكَمَالِ الَّذِي لَا غَايَةَ فَوْقَهُ، وَذَلِكَ الْكَمَالُ لَازِمٌ لَهُ ; لِأَنَّ الْكَمَالَ الَّذِي يَكُونُ كَمَالًا [لِلْمَوْجُودِ] (?) ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا لَهُ، أَوْ مُمْتَنِعًا عَلَيْهِ، أَوْ جَائِزًا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا لَهُ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنْ كَانَ مُمْتَنِعًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْكَمَالُ الَّذِي لِلْمَوْجُودِ مُمْكِنًا لِلْمُمْكِنِ مُمْتَنِعًا عَلَى الْوَاجِبِ، فَيَكُونُ الْمُمْكِنُ أَكْمَلَ مِنَ الْوَاجِبِ.

[عود إلى الكلام على اتصاف الله بصفات الكلام]

وَأَيْضًا، فَالْمُمَكِنَاتُ فِيهَا كَمَالَاتٌ مَوْجُودَةٌ، وَهِيَ مِنَ الْوَاجِبِ بِنَفْسِهِ، وَالْمُبْدِعُ لِلْكَمَالِ الْمُعْطِي لَهُ الْخَالِقُ لَهُ أَحَقُّ بِالْكَمَالِ؛ إِذِ الْكَمَالُ إِمَّا وُجُودٌ، وَإِمَّا كَمَالُ وُجُودٍ، وَمَنْ أَبْدَعَ الْمَوْجُودَ كَانَ أَحَقَّ بِأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا؛ إِذِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015