وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَيْضًا أَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ مُمَاثِلًا لِلْآخَرِ فِي حَقِيقَتِهِ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَتَمَاثَلَا فِيمَا يَجِبُ وَيَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ ; وَأَحَدُهُمَا يَجِبُ قِدَمُهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ بِنَفْسِهِ ; وَأَحَدُهُمَا غَنِيٌّ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ وَالْآخِرُ لَيْسَ بِغَنِيٍّ، وَأَحَدُهُمَا خَالِقٌ وَالْآخِرُ لَيْسَ بِخَالِقٍ، فَلَوْ تَمَاثَلَا لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاجِبَ الْقِدَمِ لَيْسَ بِوَاجِبِ الْقِدَمِ، مَوْجُودًا بِنَفْسِهِ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ بِنَفْسِهِ، غَنِيًّا عَمَّا سِوَاهُ لَيْسَ بِغَنِيٍّ عَمَّا سِوَاهُ، خَالِقًا لَيْسَ بِخَالِقٍ، فَيَلْزَمُ اجْتِمَاعَ النَّقِيضَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ تُمَاثِلِهِمَا، [وَهُوَ] (?) مُنْتَفٍ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ، كَمَا هُوَ مُنْتَفٍ بِنُصُوصِ الشَّرْعِ، مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي أُمُورٍ أُخْرَى، كَمَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَوْجُودٌ ثَابِتٌ لَهُ حَقِيقَةٌ وَذَاتٌ هِيَ نَفْسُهُ، وَالْجِسْمُ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ.

فَعُلِمَ بِهَذِهِ الْبَرَاهِينِ الْبَيِّنَةِ اتِّفَاقُهُمَا مِنْ وَجْهٍ وَاخْتِلَافُهُمَا مِنْ وَجْهٍ، فَمَنْ نَفَى مَا اتَّفَقَا فِيهِ كَانَ مُعَطِّلًا قَائِلًا لِلْبَاطِلِ، وَمَنْ جَعَلَهُمَا مُتَمَاثِلَيْنِ كَانَ مُشَبِّهًا قَائِلًا لِلْبَاطِلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ] *) (?) .

وَذَلِكَ ; لِأَنَّهُمَا وَإِنِ اتَّفَقَا فِي مُسَمَّى مَا اتَّفَقَا فِيهِ (?) ، فَاللَّهُ تَعَالَى مُخْتَصٌّ بِوُجُودِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ [وَسَائِرِ صِفَاتِهِ] (?) ، وَالْعَبْدُ لَا يَشْرَكُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَالْعَبْدُ [أَيْضًا] (?) مُخْتَصٌّ بِوُجُودِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى (?) مُنَزَّهٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015