الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ» " (?) .

فَقَدْ سَمَّى اللَّهُ وَرَسُولُهُ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى عِلْمًا وَقُدْرَةً وَقُوَّةً، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (?) : {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [سُورَةُ الرُّومِ: 54] ، وَقَالَ: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} [سُورَةُ يُوسُفَ: 68] ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ الْعِلْمُ كَالْعِلْمِ، وَلَا الْقُوَّةُ كَالْقُوَّةِ، وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ.

وَهَذَا لَازِمٌ لِجَمِيعِ الْعُقَلَاءِ، فَإِنَّ مَنْ نَفَى بَعْضَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ كَالرِّضَا وَالْغَضَبِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْبُغْضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّشْبِيهَ وَالتَّجْسِيمَ.

قِيلَ لَهُ: فَأَنْتَ تُثْبِتُ لَهُ الْإِرَادَةَ وَالْكَلَامَ وَالسَّمْعَ وَالْبَصَرَ، مَعَ أَنَّ مَا تُثْبِتُهُ لَيْسَ مِثْلَ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، فَقُلْ فِيمَا أَثْبَتَّهُ مِثْلَ قَوْلِكَ فِيمَا نَفَيْتَهُ وَأَثْبَتَهَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.

فَإِنْ قَالَ: أَنَا لَا أُثْبِتُ شَيْئًا مِنَ الصِّفَاتِ.

قِيلَ لَهُ: فَأَنْتَ تُثْبِتُ لَهُ الْأَسْمَاءَ الْحُسْنَى مِثْلَ: حَيٍّ وَعَلِيمٍ وَقَدِيرٍ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015