وَأَمَّا مَنْ (?) . حَدَثَ فِي زَمَنِ الْفِتْنَةِ، كَالرَّافِضَةِ الَّذِينَ حَدَثُوا فِي الْإِسْلَامِ فِي زَمَنِ الْفِتْنَةِ وَالِافْتِرَاقِ، وَكَالْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ (?) . فَهَؤُلَاءِ لَمْ يَتَنَاوَلْهُمُ النَّصُّ، فَلَمْ يَدْخُلُوا فِيمَنْ وُصِفَ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ; لِأَنَّهُمْ: أَوَّلًا: لَيْسُوا مِنَ الصَّحَابَةِ الْمُخَاطَبِينَ بِهَذَا، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ مِنْ الِاسْتِخْلَافِ وَالتَّمْكِينِ وَالْأَمْنِ بَعْدَ الْخَوْفِ مَا حَصَلَ لِلصَّحَابَةِ، بَلْ لَا يَزَالُونَ خَائِفِينَ مُقَلْقَلِينَ (?) . غَيْرَ مُمَكَّنِينَ.
فَإِنْ قِيلَ: لَمْ قَالَ: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ} [سُورَةُ الْفَتْحِ: 29] ، وَلَمْ يَقُلْ: وَعَدَهُمْ كُلَّهُمْ؟ قِيلَ: كَمَا قَالَ: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [سُورَةُ النُّورِ: 55] ، وَلَمْ يَقُلْ: وَعَدَكُمْ (?) .
وَ " مِنْ " تَكُونُ لِبَيَانِ الْجِنْسِ، فَلَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَدْ بَقِيَ مِنَ الْمَجْرُورِ بِهَا شَيْءٌ خَارِجٌ عَنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ [تَعَالَى] (?) .: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [سُورَةُ الْحَجِّ: 30] ، فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَوْثَانِ مَا لَيْسَ بِرِجْسٍ.
وَإِذَا قُلْتَ: ثَوْبٌ مِنْ حَرِيرٍ، فَهُوَ كَقَوْلِكَ: ثَوْبُ حَرِيرٍ. وَكَذَلِكَ قَوْلُكَ: بَابٌ مِنْ حَدِيدٍ، كَقَوْلِكَ: بَابُ حَدِيدٍ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ حَرِيرٌ وَحَدِيدٌ غَيْرُ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَتَصَوَّرُهُ كُلِّيًّا،