فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ مَا تَدَّعِيهِ الرَّافِضَةُ مِنَ النَّصِّ هُوَ حَقٌّ مَوْجُودٌ، وَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يُوَلُّوا الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ، لَكَانُوا قَدْ تَرَكُوا مَنْ يَجِبُ تَوْلِيَتُهُ وَوَلَّوْا غَيْرَهُ. وَحِينَئِذٍ فَالْإِمَامُ الَّذِي قَامَ (?) بِمَقْصُودِ الْإِمَامَةِ هُوَ هَذَا الْمُوَلَّى دُونَ ذَلِكَ (?) الْمَمْنُوعِ الْمَقْهُورِ. نَعَمْ ذَلِكَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوَلَّى، لَكِنْ مَا وُلِّيَ، فَالْإِثْمُ عَلَى مَنْ ضَيَّعَ حَقَّهُ وَعَدَلَ عَنْهُ، لَا عَلَى مَنْ لَمْ يُضَيِّعْ حَقَّهُ وَلَمْ يَعْتَدِ.
وَهُمْ يَقُولُونَ: إِنِ الْإِمَامَ وَجَبَ نَصْبُهُ لِأَنَّهُ لُطْفٌ وَمَصْلَحَةٌ لِلْعِبَادِ، فَإِذَا كَانَ اللَّهُ - وَرَسُولُهُ - يَعْلَمُ أَنَّ النَّاسَ لَا يُوَلُّونَ هَذَا الْمُعَيَّنَ إِذَا أُمِرُوا بِوِلَايَتِهِ، كَانَ أَمْرُهُمْ بِوِلَايَةِ مَنْ يُوَلُّونَهُ وَيَنْتَفِعُونَ بِوِلَايَتِهِ، أَوْلَى مِنْ أَمْرِهِمْ بِوِلَايَةِ مَنْ لَا يُوَلُّونَهُ وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِوِلَايَتِهِ، كَمَا قِيلَ فِي إِمَامَةِ الصَّلَاةِ وَالْقَضَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ مَا يَدَّعُونَهُ مِنَ النَّصِّ مِنْ أَعْظَمِ الْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ؟ .
وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَخْبَرَ أُمَّتَهُ بِمَا سَيَكُونُ وَمَا يَقَعُ بَعْدَهُ مِنَ التَّفَرُّقِ، فَإِذَا نَصَّ لِأُمَّتِهِ عَلَى إِمَامَةِ شَخْصٍ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يُوَلُّونَهُ، بَلْ يَعْدِلُونَ عَنْهُ وَيُوَلُّونَ غَيْرَهُ يَحْصُلُ لَهُمْ بِوِلَايَتِهِ مَقَاصِدُ (?) الْوِلَايَةِ، وَأَنَّهُ إِذَا أَفْضَتِ النَّوْبَةُ إِلَى الْمَنْصُوصِ حَصَلَ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ [الْأُمَّةِ] مَا لَمْ (?) يَحْصُلْ قَبْلَ ذَلِكَ (?) وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ مَقَاصِدِ الْوِلَايَةِ مَا حَصَلَ بِغَيْرِ الْمَنْصُوصِ، كَانَ الْوَاجِبُ الْعُدُولَ عَنِ الْمَنْصُوصِ.