وَالْخَلَفِ، فَخِيَارُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ كَانُوا يُقَدِّمُونَهُ فِي الْمَحَبَّةِ عَلَى غَيْرِهِ وَيَرْعَوْنَ حَقَّهُ، وَيَدْفَعُونَ عَنْهُ مَنْ يُؤْذِيهِ.
مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ أُمَرَاءَ الْأَنْصَارِ اثْنَانِ: سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَفْضَلُهُمَا.
فَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ اهْتَزَّ لِمَوْتِ سَعْدٍ عَرْشُ الرَّحْمَنِ فَرَحًا بِقُدُومِ رُوحِهِ، وَحَمَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كَاهِلِهِ» (?) .
وَلَمَّا حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بِحُكْمٍ لَمْ تَأْخُذْهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ» " (?) .
وَقَدْ عُرِفَ أَنَّهُ وَابْنُ عَمِّهِ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ كَانَا (?) مِنْ أَعْظَمِ أَنْصَارِ أَبِي بَكْرٍ وَابْنَتِهِ عَلَى أَهْلِ الْإِفْكِ، وَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَأْسَ الْمُهَاجِرِينَ عَنْ يَمِينِهِ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ رَأْسَ الْأَنْصَارِ عَنْ يَسَارِهِ، فَإِنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ كَانَ قَدْ تُوُفِّيَ عَقِبَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ حُكْمِهِ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ.
وَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، مَا نَزَلَ مَا تَكْرَهِينَهُ (?) إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ فِيهِ فَرَجًا، وَجَعْلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً.