فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الْبَاطِلِ الَّذِي يُذَمُّ مَنْ يُرَاوِدُ عَلَيْهِ كَمَا ذَمَّ النِّسْوَةَ عَلَى مُرَاوَدَةِ يُوسُفَ، هَذَا مَعَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ قَالَ لِعُمْرَ يُصَلِّي فَلَمْ يَتَقَدَّمْ عُمَرُ، وَقَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ، فَكَانَ فِي هَذَا اعْتِرَافُ عُمَرَ لَهُ أَنَّهُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ، كَمَا اعْتَرَفَ لَهُ بِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالْخِلَافَةِ مِنْهُ وَمِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ، وَأَنَّهُ أَفْضَلُهُمْ.
كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ لَمَّا ذَكَرَتْ خُطْبَةُ أَبِي بَكْرٍ بِالْمَدِينَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ قَالَتْ: وَاجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقَالُوا: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَذَهَبَ (?) عُمَرُ يَتَكَلَّمُ، فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنِّي هَيَّأْتُ كَلَامًا أَعْجَبَنِي خِفْتُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغُ النَّاسِ، فَقَالَ فِي كَلَامِهِ: نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ، فَقَالَ حُبَابُ (?) بْنُ الْمُنْذِرِ: لَا نَفْعَلُ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَكِنَّا الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا، وَأَعْرَقُهُمْ (?) أَحْسَابًا، فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ، فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: قَتَلَهُ اللَّهُ (?) .