تَجْوِيزُهُ فِيهِمَا، كَقَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفَلَاسِفَةِ، وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَكَذَلِكَ الدَّوْرُ نَوْعَانِ: دَوْرٌ قَبْلِيٌّ: وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ هَذَا إِلَّا بَعْدَ هَذَا، وَلَا هَذَا إِلَّا بَعْدَ هَذَا، وَهَذَا مُمْتَنَعٌ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ. وَأَمَّا الدَّوْرُ الْمَعِيُّ الِاقْتِرَانِيُّ مِثْلُ الْمُتَلَازِمَيْنِ اللَّذَيْنِ يَكُونَانِ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ كَالْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ، وَعُلُوُّ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَعَ سُفُولِ الْآخَرِ، وَتَيَامُنِ هَذَا عَنْ ذَاكَ مَعَ تَيَاسُرِ (?) الْآخَرِ عَنْهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُتَلَازِمَةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ إِلَّا مَعًا، فَهَذَا الدَّوْرُ مُمْكِنٌ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَاعِلًا لِلْآخَرِ وَلَا تَمَامَ لِلْفَاعِلِ (?) ، بَلْ كَانَ الْفَاعِلُ لَهُمَا غَيْرَهُمَا، جَازَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا فَاعِلًا لِلْآخَرِ (?) ، أَوْ مِنْ تَمَامِ كَوْنِ الْفَاعِلِ فَاعِلًا، صَارَ مِنَ الدَّوْرِ الْمُمْتَنَعِ.
وَلِهَذَا امْتَنَعَ رَبَّانِ مُسْتَقِلَّانِ أَوْ مُتَعَاوِنَانِ. أَمَّا الْمُسْتَقِلَّانِ، فَلِأَنَّ اسْتِقْلَالَ أَحَدِهِمَا بِالْعَالَمِ (?) يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ (?) الْآخَرُ لَمْ يَشْرَكْهُ فِيهِ، فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ مُسْتَقِلًّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَعَلَهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَمْ يَفْعَلْهُ، وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ.
وَأَمَّا الْمُتَعَاوِنَانِ، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَادِرٌ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ حَالَ كَوْنِ الْآخَرِ مُسْتَقِلًّا بِهِ (?) ، لَزِمَ الْقُدْرَةُ عَلَى اجْتِمَاعِ النَّقِيضَيْنِ وَهُوَ مُمْتَنَعٌ،