صَاغِرُونَ وَنُهِيَ عَنْ مُعَاهَدَتِهِمْ بِلَا جِزْيَةٍ، كَمَا كَانَ الْأَمْرُ أَوَّلًا، وَكَانَ (?) هَذَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ مَنْ هُوَ دُونَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَوْلَى أَنْ لَا يُهَادَنَ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ، بَلْ يُقَاتَلُ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ.
وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجُوسِ: " «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» " وَصَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ عَلَى الْجِزْيَةِ، وَفِيهِمْ مَجُوسٌ وَاتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ خُلَفَاؤُهُ (?) وَسَائِرُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ الْأَمْرُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يُقَاتِلُ الْكُفَّارَ وَيُهَادِنُهُمْ بِلَا جِزْيَةٍ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ قَبْلَ نُزُولِ بَرَاءَةَ، فَلَمَّا نَزَلَتْ " بَرَاءَةُ " أَمَرَهُ فِيهَا بِنَبْذِ هَذِهِ الْعُهُودِ الْمُطْلَقَةِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ أَهْلَ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ، فَغَيْرُهُمْ أَوْلَى أَنْ يُقَاتَلُوا وَلَا يُعَاهَدُوا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} ، وَقَالَ: