كَمُؤْتَةَ وَحُنَيْنٍ وَتَبُوكَ وَغَيْرِهَا، وَكَانَ الدَّاعِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَيْضًا جَازَ أَنْ يَكُونَ عَلِيًّا حَيْثُ قَاتَلَ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ، وَكَانَ رُجُوعُهُمْ إِلَى طَاعَتِهِ إِسْلَامًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «يَا عَلِيُّ حَرْبُكَ حَرْبِي وَحَرْبُ (?) رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفْرٌ» ".
فَالْجَوَابُ: أَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ وَوُجُوبِ طَاعَتِهِ فَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَشْعَرِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرِهِمْ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} الْآيَةَ [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 83] قَالُوا: فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ أَنْ يَقُولَ لِهَؤُلَاءِ: لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا، فَعُلِمَ أَنَّ الدَّاعِيَ لَهُمْ إِلَى الْقِتَالِ لَيْسَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَيْسَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ (?) ، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ الَّذِينَ دَعَوُا النَّاسَ إِلَى قِتَالِ فَارِسَ وَالرُّومِ وَغَيْرِهِمْ، أَوْ يُسْلِمُونَ حَيْثُ قَالَ تُقَاتِلُونَهُمْ، أَوْ يُسْلِمُونَ.
وَهَؤُلَاءِ جَعَلُوا الْمَذْكُورِينَ فِي " سُورَةِ الْفَتْحِ " هُمُ الْمُخَاطَبِينَ فِي سُورَةِ " بَرَاءَةَ " وَمِنْ هُنَا صَارَ فِي الْحُجَّةِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الَّذِينَ فِي سُورَةِ " الْفَتْحِ " هُمُ الَّذِينَ دُعُوا زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ لِيَخْرُجُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا