وَأَيْضًا فَكَانَ حِفْظُ اللَّهِ لِرَسُولِهِ وَحِمَايَتُهُ لَهُ يُوجِبُ أَنْ يُطْلِعَهُ عَلَى ضَمِيرِهِ السُّوءِ لَوْ كَانَ مُضْمِرًا لَهُ سُوءًا، وَهُوَ قَدْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى مَا فِي نَفْسِ أَبِي عَزَّةَ لَمَّا جَاءَ مُظْهِرًا لِلْإِيمَانِ بِنِيَّةِ الْفَتْكِ بِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي قَعْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ أَطْلَعَهُ عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْحَجَبِيِّ يَوْمَ حُنَيْنٍ لَمَّا انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ، وَهُمْ بِالسَّوْأَةِ، وَأَطْلَعَهُ عَلَى مَا فِي نَفْسِ عُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ لَمَّا جَاءَ مِنْ مَكَّةَ مُظْهِرًا لِلْإِسْلَامِ يُرِيدُ الْفَتْكَ بِهِ، وَأَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحُلُّوا حِزَامَ نَاقَتِهِ.
وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ دَائِمًا لَيْلًا وَنَهَارًا حَضَرًا وَسَفَرًا فِي خَلْوَتِهِ وَظُهُورِهِ وَيَوْمَ بَدْرٍ يَكُونُ مَعَهُ وَحْدَهُ فِي الْعَرِيشِ، وَيَكُونُ فِي قَلْبِهِ ضَمِيرُ سُوءٍ وَالنَّبِيُّ (?) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَعْلَمُ ضَمِيرَ ذَلِكَ قَطُّ، وَأَدْنَى مَنْ لَهُ نَوْعُ فِطْنَةٍ يَعْلَمُ ذَلِكَ فِي أَقَلِّ مِنْ هَذَا الِاجْتِمَاعِ، فَهَلْ يَظُنُّ ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِدِّيقِهِ إِلَّا مَنْ هُوَ مَعَ فَرْطِ جَهْلِهِ وَكَمَالِ نَقْصِ عَقْلِهِ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ تَنَقُّصًا لِلرَّسُولِ وَطَعْنًا فِيهِ وَقَدْحًا فِي مَعْرِفَتِهِ؟ ! ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْجَاهِلُ مَعَ ذَلِكَ مُحِبًّا لِلرَّسُولِ (?) فَهُوَ كَمَا قِيلَ: " عَدُوٌّ عَاقِلٌ خَيْرٌ مِنْ صَدِيقٍ جَاهِلٍ ".
وَلَا رَيْبَ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ يُحِبُّ الرَّسُولَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ تَشَيَّعَ قَدْ تَلَقَّى مِنَ الرَّافِضَةِ مَا هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْأُمُورِ قَدْحًا فِي الرَّسُولِ، فَإِنَّ أَصْلَ الرَّفْضِ إِنَّمَا أَحْدَثَهُ زِنْدِيقٌ غَرَضُهُ إِبْطَالُ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَالْقَدْحُ