أَنْ يُخَاطِبَهُمْ بِلِسَانِهِمْ (?) ، فَيُرْسِلُ رَسُولًا بِلِسَانِهِمْ لِيَتَفَقَّهُوا (?) عَنْهُ، فَكَانَ ذِكْرُ صُحْبَتِهِ لَهُمْ هُنَا عَلَى اللُّطْفِ بِهِمْ، وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ.
وَهَذَا بِخِلَافِ إِضَافَةِ الصُّحْبَةِ إِلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحْدُكُمُ مِثْلَ أُحِدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» " (?) ، وَقَوْلُهُ: " «هَلْ أَنْتُمْ تَارِكِي لِي صَاحِبِي» ؟ " (?) وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.
فَإِنَّ إِضَافَةَ الصُّحْبَةِ إِلَيْهِ فِي خِطَابِهِ (?) وَخِطَابُ الْمُسْلِمِينَ تَتَضَمَّنُ صُحْبَةَ مُوَالَاةٍ لَهُ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْإِيمَانِ بِهِ فَلَا يُطْلَقُ لَفْظُ صَاحِبِهِ عَلَى مَنْ صَحِبَهُ فِي سَفَرِهِ وَهُوَ كَافِرٌ بِهِ.
وَالْقُرْآنُ يَقُولُ فِيهِ: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 40] فَأَخْبَرَ الرَّسُولُ أَنَّ اللَّهَ مَعَهُ وَمَعَ صَاحِبِهِ، وَهَذِهِ الْمَعِيَّةُ تَتَضَمَّنُ النَّصْرَ وَالتَّأْيِيدَ، وَهُوَ إِنَّمَا يَنْصُرُهُ عَلَى عَدُوِّهِ وَكُلُّ كَافِرٍ عَدُوُّهُ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ مُؤَيِّدًا لَهُ وَلِعَدُوِّهِ مَعًا، وَلَوْ كَانَ مَعَ عَدُوِّهِ لَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ الْحُزْنَ، وَيُزِيلُ السَّكِينَةَ فَعُلِمَ أَنَّ لَفْظَ صَاحِبِهِ تَضَمَّنَ صُحْبَةَ وِلَايَةٍ وَمَحَبَّةٍ وَتَسْتَلْزِمُ الْإِيمَانَ لَهُ وَبِهِ.