هَذِهِ الْحَالِ، وَلَوْ كَانُوا مَعَهُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ حَالَهُمْ يَكُونُ أَكْمَلُ مِنْ حَالِ الصِّدِّيقِ، بَلِ الْمَعْرُوفُ مِنْ حَالِهِمْ دَائِمًا وَحَالِهِ أَنَّهُمْ وَقْتَ الْمَخَاوِفِ يَكُونُ الصِّدِّيقُ أَكْمَلَ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ يَقِينًا وَصَبْرًا، وَعِنْدَ وُجُودِ أَسْبَابِ الرَّيْبِ يَكُونُ الصِّدِّيقُ أَعْظَمَ يَقِينًا وَطُمَأْنِينَةً وَعِنْدَ مَا يَتَأَذَّى مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ الصِّدِّيقُ أَتْبَعَهُمْ لِمَرْضَاتِهِ وَأَبْعَدَهُمْ عَمَّا يُؤْذِيهِ.

هَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ لِكُلِّ مَنِ اسْتَقْرَأَ أَحْوَالَهُمْ فِي مَحْيَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ حَتَّى أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ وَمَوْتُهُ كَانَ أَعْظَمَ الْمَصَائِبِ الَّتِي تَزَلْزَلَ بِهَا الْإِيمَانُ، حَتَّى ارْتَدَّ أَكْثَرُ (?) الْأَعْرَابِ، وَاضْطَرَبَ لَهَا عُمَرُ الَّذِي كَانَ أَقْوَاهُمْ إِيمَانًا وَأَعْظَمَهُمْ يَقِينًا كَانَ (?) مَعَ هَذَا تَثْبِيتُ اللَّهِ تَعَالَى لِلصِّدِّيقِ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ أَكْمَلَ وَأَتَمَّ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَانَ فِي يَقِينِهِ وَطُمَأْنِينَتِهِ وَعِلْمِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَكْمَلَ مِنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ فَقَالَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ.

ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا} الْآيَةَ [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 144] (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015