الْإِدْرَاكَ عِنْدَهُمْ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَوْجُودِ، وَهُمْ يَقُولُونَ: صَارَ مُرِيدًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ *) (?) . وَأَمَّا الْبَغْدَادِيُّونَ فَإِنَّهُمْ وَإِنْ أَنْكَرُوا الْإِدْرَاكَ وَالْإِرَادَةَ فَهُمْ يَقُولُونَ (?) : صَارَ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ. قَالُوا: وَهَذَا قَوْلٌ بِتَجَدُّدِ أَحْكَامٍ لَهُ وَأَحْوَالٍ.
وَلِهَذَا قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَلْزَمُ سَائِرَ الطَّوَائِفِ حَتَّى الْفَلَاسِفَةِ، وَقَدْ قَالَ بِهَا مِنْ أَسَاطِينِهِمُ الْأَوَّلِينَ وَفُضَلَائِهِمُ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَيُقَالُ (?) : إِنَّ [الْأَسَاطِينَ] (?) الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ أَرِسْطُو أَوْ كَثِيرًا مِنْهُمْ (?) كَانُوا يَقُولُونَ بِهَا، وَقَالَ بِهَا أَبُو الْبَرَكَاتِ صَاحِبُ " الْمُعْتَبَرِ " وَغَيْرُهُ، وَهُوَ قَوْلُ طَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنَ الْمُرْجِئَةِ وَالشِّيعَةِ (?) وَالْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ كَأَبِي مُعَاذٍ التُّومَنِيِّ (?) وَالْهِشَامَيْنِ.
وَأَمَّا جُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ بِهَا أَوْ بِمَعْنَاهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَخْتَارُ إِلَّا (?) أَنْ يُطْلِقَ الْأَلْفَاظَ الشَّرْعِيَّةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ