حُجَّةً لِأَجْلِ عَلِيٍّ، فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْإِجْمَاعُ حُجَّةً، (?) وَإِلَّا لَزِمَ بُطْلَانُ قَوْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ.
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ (?) : " وَأَيْضًا الْإِجْمَاعُ إِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ قَوْلُ كُلِّ الْأُمَّةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ، بَلْ وَلَا إِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ بَعْضِهِمْ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَكْثَرُ النَّاسِ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ ".
وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ أَمَّا الْإِجْمَاعُ عَلَى الْإِمَامَةِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْإِجْمَاعُ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِمَامَةُ، فَهَذَا يُعْتَبَرُ فِيهِ مُوَافَقَةُ أَهْلِ الشَّوْكَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ مُتَمَكِّنًا بِهِمْ مِنْ تَنْفِيذِ مَقَاصِدِ الْإِمَامَةِ حَتَّى إِذَا كَانَ رُءُوسُ الشَّوْكَةِ عَدَدًا قَلِيلًا، وَمَنْ سِوَاهُمْ مُوَافِقٌ لَهُمْ حَصَلَتِ الْإِمَامَةُ بِمُبَايَعَتِهِمْ لَهُ. هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ.
وَأَمَّا أَهْلُ الْكَلَامِ فَقَدَّرَهَا كُلٌّ مِنْهُمْ بِعَدَدٍ، وَهِيَ تَقْدِيرَاتٌ بَاطِلَةٌ.
وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْإِجْمَاعُ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَالْأَوْلَوِيَّةِ، فَهَذَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إِمَّا الْجَمِيعُ وَإِمَّا الْجُمْهُورُ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ حَاصِلَةٌ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ.
وَأَمَّا عُثْمَانُ فَلَمْ يَتَّفِقْ عَلَى قَتْلِهِ إِلَّا طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ، لَا يَبْلُغُونَ نِصْفَ عُشْرِ عُشْرِ عُشْرِ الْأُمَّةِ؛ كَيْفَ وَأَكْثَرُ جَيْشِ عَلِيٍّ وَالَّذِينَ قَاتَلُوهُ وَالَّذِينَ قَعَدُوا عَنِ الْقِتَالِ لَمْ يَكُونُوا مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ؟ وَإِنَّمَا كَانَ قَتَلَةُ عُثْمَانَ فِرْقَةً يَسِيرَةً مِنْ عَسْكَرِ عَلِيٍّ.