وَإِنْ قِيلَ: جُمْهُورُ الْأُمَّةِ لَمْ تُقَاتِلْهُ، أَوْ قِيلَ بَايَعَهُ أَهْلُ الشَّوْكَةِ وَالْجُمْهُورُ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ كَانَ هَذَا فِي حَقٍّ أَبِي بَكْرٍ أَوْلَى وَأَحْرَى.
وَإِذَا قَالَتِ الرَّافِضَةُ: إِمَامَةٌ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِجْمَاعِ وَالْمُبَايَعَةِ.
قِيلَ: النُّصُوصُ إِنَّمَا دَلَّتْ عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، لَا عَلَى خِلَافَةِ عَلِيٍّ، كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، وَكَمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَنُبَيِّنُ أَنَّ النُّصُوصَ دَلَّتْ عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعَلَى أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْخَلِيفَةَ فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ؛ فَخِلَافَةُ أَبِي بَكْرٍ لَا تَحْتَاجُ إِلَى الْإِجْمَاعِ؛ بَلِ النُّصُوصُ دَالَّةٌ عَلَى صِحَّتِهَا وَعَلَى انْتِفَاءِ مَا يُنَاقِضُهَا.
الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: الْكَلَامُ فِي إِمَامَةِ الصِّدِّيقِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي وُجُودِهَا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي اسْتِحْقَاقِهِ لَهَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ مَعْلُومٌ بِالتَّوَاتُرِ وَاتِّفَاقِ النَّاسِ بِأَنَّهُ تَوَلَّى الْأَمْرَ وَقَامَ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَلَفَهُ فِي أُمَّتِهِ وَأَقَامَ الْحُدُودَ وَاسْتَوْفَى الْحُقُوقَ وَقَاتَلَ الْكُفَّارَ وَالْمُرْتَدِّينَ وَوَلَّى الْأَعْمَالَ وَقَسَّمَ الْأَمْوَالَ وَفَعَلَ جَمِيعَ مَا يَفْعَلُ (?) الْإِمَامُ، بَلْ هُوَ أَوَّلُ (?) مَنْ بَاشَرَ الْإِمَامَةَ فِي الْأُمَّةِ.
وَأَمَّا إِنْ أُرِيدَ بِإِمَامَتِهِ كَوْنُهُ مُسْتَحِقًّا لِذَلِكَ، فَهَذَا عَلَيْهِ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ غَيْرُ الْإِجْمَاعِ، فَلَا طَرِيقَ يَثْبُتُ بِهَا كَوْنُ عَلِيٍّ مُسْتَحِقًّا لِلْإِمَامَةِ إِلَّا وَتِلْكَ الطَّرِيقُ يَثْبُتُ بِهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ مُسْتَحِقٌّ لِلْإِمَامَةِ، وَأَنَّهُ أَحَقُّ لِلْإِمَامَةِ (?) مِنْ عَلِيٍّ