لَكِنَّ تَوَاتُرَ رِدَّةِ مُسَلْيِمَةَ وَقِتَالِ الصِّدِّيقِ وَحَرْبِهِ [لَهُ] (?) كَتَوَاتُرِ هِرَقْلَ وَكِسْرَى وَقَيْصَرَ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ قَاتَلَهُ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، وَتَوَاتُرِ كُفْرِ مَنْ قَاتَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ مِثْلَ عُتْبَةَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ وَحُيَيِ بْنِ أَخْطَبَ، وَتَوَاتُرِ نِفَاقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.
بَلْ تَوَاتُرُ رِدَّةِ مُسَيْلِمَةَ وَقِتَالِ الصِّدِّيقِ لَهُ أَظْهَرُ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ قِتَالِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ، وَمِنْ كَوْنِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ قَاتَلَا عَلِيًّا، وَمِنْ كَوْنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِ تَخَلَّفُوا عَنْ بَيْعَةِ عَلِيٍّ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ اتَّبَعْتُهُ، فَقَدَّمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مَنْ قَوْمِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَفِي يَدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِطْعَةٌ مِنْ جَرِيدٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ: " «لَوْ سَأَلَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّي لَأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ (?) فِيكَ مَا رَأَيْتُ، وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عَنِّي» "، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أُرِيتُ (?) فِيكَ مَا رَأَيْتُ "