وَكَذَلِكَ يُقَالُ: إِمَّا مَخْلُوقٌ وَإِمَّا غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَالْمَخْلُوقُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ خَالِقٍ غَيْرِ الْمَخْلُوقِ، فَثَبَتَ وُجُودُ الْمَوْجُودِ الَّذِي لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.
ثُمَّ ذَلِكَ الْمَوْجُودُ الْوَاجِبُ بِنَفْسِهِ [الْقَدِيمُ] (?) الْغَنِيُّ بِنَفْسِهِ الْقَيُّومُ الْخَالِقُ الَّذِي لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ مُفْتَقِرًا إِلَى غَيْرِهِ بِجِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ، فَإِنَّهُ إِنِ افْتَقَرَ إِلَى مَفْعُولِهِ، وَمَفْعُولُهُ مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ، لَزِمَ الدَّوْرُ فِي الْمُؤَثِّرَاتِ. وَإِنِ افْتَقَرَ إِلَى غَيْرِهِ، وَذَلِكَ الْغَيْرُ مُفْتَقِرٌ إِلَى غَيْرِهِ، لَزِمَ التَّسَلْسُلُ فِي الْمُؤَثِّرَاتِ. وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ مَعْلُومُ الْبُطْلَانِ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ وَاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ.
فَإِنِ امْتَنَعَ (?) أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا [لِنَفْسِهِ، فَهُوَ يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا لِفَاعِلٍ] (?) بِنَفْسِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَسَوَاءٌ عَبَّرَ (?) بِلَفْظِ الْفَاعِلِ أَوِ الصَّانِعِ (?) أَوِ الْخَالِقِ أَوِ الْعِلَّةِ أَوِ الْمَبْدَأِ أَوِ الْمُؤَثِّرِ، فَالدَّلِيلُ يَصِحُّ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ.
وَكَذَلِكَ يُمْتَنَعُ تَقْدِيرُ مَفْعُولَاتٍ لَيْسَ فِيهَا فَاعِلٌ غَيْرُ مَفْعُولٍ، وَهُوَ تَقْدِيرُ آثَارٍ (* لَيْسَ فِيهَا مُؤَثِّرٌ، وَتَقْدِيرُ مُمْكِنَاتٍ لَيْسَ فِيهَا وَاجِبٌ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ *) (?) مُمْكِنٌ فَقِيرٌ، وَمَجْمُوعُهَا مُفْتَقِرٌ إِلَى كُلٍّ مِنْ آحَادِهَا (?) ، فَهُوَ