سِجْفَ الْحُجْرَةِ، فَرَآهُمْ صُفُوفًا خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَسُرَّ بِذَلِكَ. فَكَيْفَ يَكُونُ مَعَ هَذَا قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ فِي جَيْشِ أُسَامَةَ؟ !
الثَّالِثُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ أَرَادَ تَوْلِيَةَ عَلِيٍّ لَكَانَ هَؤُلَاءِ أَعْجَزَ أَنْ يَدْفَعُوا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكَانَ جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ أَطْوَعَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ أَنْ يَدَعُوْا هَؤُلَاءِ يُخَالِفُونَ أَمْرَهُ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَاتَلَ ثُلُثُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَكْثَرُ مَعَ عَلِيٍّ لِمُعَاوِيَةَ، وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ مَعَهُ نَصًّا، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ نَصٌّ لَقَاتَلَ مَعَهُ جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ وَلَمْ يَأْمُرْ عَلِيًّا، فَلَوْ كَانَ عَلِيٌّ هُوَ الْخَلِيفَةَ لَكَانَ يَأْمُرُهُ بِالصَّلَاةِ بِالْمُسْلِمِينَ، فَكَيْفَ وَلَمْ يُؤَمِّرْ عَلِيًّا عَلَى أَبِي بَكْرٍ قَطُّ؟ !
بَلْ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ يُصْلِحُ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ قَالَ لِبِلَالٍ: " إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَمُرْ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ " (?) ، وَكَذَلِكَ فِي مَرَضِهِ، وَلَمَّا أَرَادَ إِقَامَةَ الْحَجِّ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَحُجَّ، وَأَرْدَفَهُ بِعَلِيٍّ تَابِعًا لَهُ، وَأَبُو بَكْرٍ هُوَ الْإِمَامُ الَّذِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ، بِعَلِيٍّ وَغَيْرِهِ، وَيَأْمُرُ عَلِيًّا وَغَيْرَهُ فَيُطِيعُونَهُ، وَقَدْ أَمَّرَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى عَلِيٍّ فِي حَجَّةِ سَنَةِ تِسْعٍ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ مُؤَمَّرًا عَلَيْهِمْ إِمَامًا لَهُمْ.