فَهَذَا قَاضِيهِ لَا يَرْجِعُ إِلَى رَأْيِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (?) ، مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ إِنَّمَا مَنَعَ بَيْعَهَا تَقْلِيدًا لِعُمَرَ، لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ صَرِيحٌ صَحِيحٌ. فَإِذَا كَانُوا لَا يَلْتَجِئُونَ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَكَيْفَ يَلْتَجِئُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهَا، وَفِيهَا مِنَ النُّصُوصِ مَا يَشْفِي وَيَكْفِي؟ !
وَإِنَّمَا كَانَ يَقْضِي وَلَا يُشَاوِرُ عَلِيًّا، وَرُبَّمَا قَضَى بِقَضِيَّةٍ أَنْكَرَهَا عَلِيٌّ لِمُخَالَفَتِهَا قَوْلَ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ، كَابْنَيْ عَمٍّ (?) وَأَخَوَيْنِ (?) أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ قَضَى لَهُ بِالْمَالِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلِيٌّ، وَقَالَ: بَلْ يُعْطَى السُّدُسَ، وَيَشْتَرِكَانِ (?) فِي الْبَاقِي. وَهَذَا قَوْلُ سَائِرِ الصَّحَابَةِ: زَيْدٍ وَغَيْرِهِ، فَلَمْ يَكُنِ النَّاسُ مُقَلِّدِينَ فِي ذَلِكَ أَحَدًا.
وَقَوْلُ عَلِيٍّ فِي الْجَدِّ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، إِلَّا ابْنَ أَبِي لَيْلَى. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ بِهِ أَصْحَابُهُ، وَهُمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ، وَقَوْلُ زَيْدٍ قَالَ بِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَأَمَّا قَوْلُ الصِّدِّيقِ فَقَالَ بِهِ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ.
وَقَدْ جَمَعَ الشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ كِتَابًا كَبِيرًا فِيمَا لَمْ يَأْخُذْ بِهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ ; لِكَوْنِ قَوْلِ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ أَتْبَعَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَكَانَ الْمَرْجُوحُ مِنْ قَوْلِهِ أَكْثَرَ مِنَ الْمَرْجُوحِ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَالرَّاجِحُ مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ أَكْثَرُ، فَكَيْفَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْتَجِئُونَ إِلَيْهِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ؟ !