وَأَبُو بَكْرٍ لَمْ يَكُنْ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ (?) نَصٌّ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، بَلْ كَانَ إِذَا تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ لَمْ يُبَالِ بِمَنْ خَالَفَهُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا نَازَعَهُ [عُمَرُ] (?) فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ لِأَجْلِ الْخَوْفِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَنَازَعُوهُ فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَنَازَعُوهُ فِي إِرْسَالِ جَيْشِ أُسَامَةَ - لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ، بَلْ بَيَّنَ لَهُمْ دَلَالَةَ النَّصِّ عَلَى مَا فَعَلَهُ.

وَأَمَّا فِي الْأُمُورِ الْجُزْئِيَّةِ الَّتِي لَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَنْصُوصَةً، بَلْ يُقْصَدُ بِهَا الْمَصْلَحَةُ، فَهَذِهِ لَيْسَ هُوَ فِيهَا بِأَعْظَمَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ.

الْخَامِسُ: أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مَا زَادَهُ عِنْدَ الْأُمَّةِ إِلَّا شَرَفًا وَتَعْظِيمًا، وَلَمْ تُعَظِّمِ الْأُمَّةُ أَحَدًا بَعْدَ نَبِيِّهَا كَمَا عَظَّمَتِ الصِّدِّيقَ، وَلَا أَطَاعَتْ أَحَدًا كَمَا أَطَاعَتْهُ، مِنْ غَيْرِ رَغْبَةٍ أَعْطَاهُمْ إِيَّاهَا، وَلَا رَهْبَةٍ أَخَافَهُمْ بِهَا، بَلِ الَّذِينَ بَايَعُوا الرَّسُولَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ بَايَعُوهُ طَوْعًا، مُقِرِّينَ بِفَضِيلَتِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ. ثُمَّ مَعَ هَذَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي عَهْدِهِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي دِينِهِمْ [إِلَّا] (?) وَأَزَالَ الِاخْتِلَافَ بِبَيَانِهِ لَهُمْ، وَمُرَاجَعَتِهِمْ لَهُ. وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ.

وَكَانَ عُمَرُ أَقْرَبَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ عُثْمَانُ.

وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَاتَلَهُمْ وَقَاتَلُوهُ (?) ، فَلَا قَوَّمَهُمْ وَلَا قَوَّمُوهُ، فَأَيُّ الْإِمَامَيْنِ حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ الْإِمَامَةِ أَكْثَرَ؟ وَأَيُّ الْإِمَامَيْنِ أَقَامَ الدِّينَ وَرَدَّ الْمُرْتَدِّينَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015