وَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَصْلُحُونَ لِلْإِمَامَةِ، وَأَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَصْلُحُ لَهَا دُونَهُمْ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ أَصْلَحَ لَهَا مِنْهُمْ - فَهَذَا كَذِبٌ، وَهُوَ مَوْرِدُ النِّزَاعِ.
وَنَحْنُ نُجِيبُ فِي ذَلِكَ جَوَابًا عَامًّا كُلِّيًّا، ثُمَّ نُجِيبُ بِالتَّفْصِيلِ.
أَمَّا الْجَوَابُ الْعَامُّ الْكُلِّيُّ فَنَقُولُ: نَحْنُ عَالِمُونَ بِكَوْنِهِمْ أَئِمَّةً صَالِحِينَ لِلْإِمَامَةِ عِلْمًا يَقِينًا قَطْعِيًّا، وَهَذَا لَا يَتَنَازَعُ فِيهِ اثْنَانِ مِنْ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ الرَّافِضَةِ، بَلْ أَئِمَّةُ الْأُمَّةِ وَجُمْهُورُهَا يَقُولُونَ: إِنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُمْ كَانُوا أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ، بَلْ يَقُولُونَ: إِنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُمْ كَانُوا أَفْضَلَ الْأُمَّةِ.
وَهَذَا الَّذِي نَعْلَمُهُ وَنَقْطَعُ بِهِ وَنَجْزِمُ بِهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَارَضَ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ وَلَا ظَنِّيٍّ. أَمَّا الْقَطْعِيُّ: فَلِأَنَّ الْقَطْعِيَّاتِ لَا يَتَنَاقَضُ مُوجِبُهَا وَمُقْتَضَاهَا. وَأَمَّا الظَّنِّيَّاتُ: فَلِأَنَّ الظَّنِّيَّ لَا يُعَارِضُ الْقَطْعِيَّ.
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا يُورِدُهُ الْقَادِحُ فَلَا يَخْلُو عَنْ أَمْرَيْنِ: إِمَّا نَقْلٌ لَا نَعْلَمُ صِحَّتَهُ، أَوْ لَا نَعْلَمُ دَلَالَتَهُ عَلَى بُطْلَانِ إِمَامَتِهِمْ، وَأَيُّ الْمُقَدِّمَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَمْ يَصْلُحْ لِمُعَارَضَتِهِ مَا عُلِمَ قَطْعًا.
وَإِذَا قَامَ الدَّلِيلُ الْقَطْعِيُّ عَلَى ثُبُوتِ إِمَامَتِهِمْ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْنَا أَنْ نُجِيبَ عَنِ الشُّبَهِ (?) الْمُفَضِّلَةِ، كَمَا أَنَّ مَا عَلِمْنَاهُ قَطْعًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْنَا أَنْ نُجِيبَ عَمَّا يُعَارِضُهُ مِنَ الشُّبَهِ السُّوفِسْطَائِيَّةِ.
وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْفَعَ مَا عُلِمَ أَيْضًا يَقِينًا بِالظَّنِّ، سَوَاءٌ كَانَ نَاظِرًا أَوْ مُنَاظِرًا. بَلْ إِنْ تَبَيَّنَ لَهُ وَجْهُ فَسَادِ الشُّبْهَةِ وَبَيَّنَهُ لِغَيْرِهِ، كَانَ ذَلِكَ زِيَادَةَ عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ