وَلَكِنْ دَخَلَ فِي غِمَارِ الدَّوْلَةِ مَنْ كَانُوا لَا يَرْضَوْنَ بَاطِنَهُ، وَمَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُمْ دَفْعُهُ، كَمَا لَمْ يُمْكِنْ عَلِيًّا قَمْعُ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ هُمْ أَكَابِرُ عَسْكَرِهِ، كَالْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، وَالْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ، وَهَاشِمٍ الْمِرْقَالِ، وَأَمْثَالِهِمْ.

وَدَخَلَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمَجُوسِ، وَمَنْ فِي قَلْبِهِ غِلٌّ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالزَّنَادِقَةِ، وَتَتَبَّعَهُمُ الْمَهْدِيُّ بِقَتْلِهِمْ (?) ، حَتَّى انْدَفَعَ بِذَلِكَ شَرٌّ كَبِيرٌ (?) ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ.

وَكَذَلِكَ الرَّشِيدُ (?) ، كَانَ فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ الْعِلْمِ وَالْجِهَادِ وَالدِّينِ مَا كَانَتْ بِهِ دَوْلَتُهُ مِنْ خِيَارِ دُوَلِ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَكَأَنَّمَا كَانَتْ تَمَامَ سَعَادَتِهِمْ، فَلَمْ يَنْتَظِمْ بَعْدَهَا الْأَمْرُ لَهُمْ، مَعَ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْعَبَّاسِيِّينَ لَمْ يَسْتَوْلُوا عَلَى الْأَنْدَلُسِ، وَلَا عَلَى أَكْثَرِ الْمَغْرِبِ، وَإِنَّمَا غَلَبَ بَعْضُهُمْ عَلَى إِفْرِيقِيَةَ مُدَّةً، ثُمَّ أُخِذَتْ مِنْهُمْ.

بِخِلَافِ أُولَئِكَ، فَإِنَّهُمُ اسْتَوْلَوْا عَلَى جَمِيعِ الْمَمْلَكَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَقَهَرُوا جَمِيعَ أَعْدَاءِ الدِّينِ، وَكَانَتْ جُيُوشُهُمْ جَيْشًا بِالْأَنْدَلُسِ يَفْتَحُهُ، وَجَيْشًا بِبِلَادِ التُّرْكِ يُقَاتِلُ الْقَانَ الْكَبِيرَ (?) ، وَجَيْشًا بِبِلَادِ الْعَبِيدِ (?) ، وَجَيْشًا بِأَرْضِ الرُّومِ، وَكَانَ الْإِسْلَامُ فِي زِيَادَةٍ وَقُوَّةٍ، عَزِيزًا فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ.

وَهَذَا تَصْدِيقُ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قَالَ: " «لَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015