سِينَا وَأَمْثَالُهُ أَحْدَثُوهُ، وَلِهَذَا لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِ أَبُو الْبَرَكَاتِ [صَاحِبُ " الْمُعْتَبَرِ "] (?) ، وَهُوَ مِنْ أَقْرَبِ هَؤُلَاءِ إِلَى اتِّبَاعِ الْحُجَّةِ الصَّحِيحَةِ بِحَسَبِ نَظَرِهِ، وَالْعُدُولُ عَنْ تَقْلِيدِ سَلَفِهِمْ، مَعَ أَنَّ أَصْلَ (?) أَمْرِهِمْ وَحِكْمَتِهِمْ أَنَّ الْعَقْلِيَّاتِ لَا تَقْلِيدَ فِيهَا.
. وَأَيْضًا: فَإِذَا لَمْ يَصْدُرْ [عَنْهُ] (?) إِلَّا وَاحِدٌ - كَمَا يَقُولُونَهُ فِي الْعَقْلِ الْأَوَّلِ فَذَلِكَ الصَّادِرُ الْأَوَّلُ إِنْ كَانَ وَاحِدًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، لَزِمَ أَنْ لَا يَصْدُرَ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ، وَهَلُمَّ جَرًّا. وَإِنْ كَانَ فِيهِ كَثْرَةٌ مَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ - وَالْكَثْرَةُ وُجُودِيَّةٌ - كَانَ قَدْ صَدَرَ (?) عَنِ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَتْ عَدَمِيَّةً لَمْ يَصْدُرْ عَنْهَا وُجُودٌ، فَلَا يَصْدُرُ عَنِ الصَّادِرِ الْأَوَّلِ وَاحِدٌ.
وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: لَوْ صَدَرَ عَنْهُ شَيْئَانِ، لَكَانَ مَصْدَرُ هَذَا غَيْرَ مَصْدَرِ ذَلِكَ (?) ، وَلَزِمَ التَّرْكِيبُ.
فَيُقَالُ أَوَّلًا: لَيْسَ الصُّدُورُ عَنِ الْبَارِي كَصُدُورِ الْحَرَارَةِ عَنِ النَّارِ، بَلْ هُوَ فَاعِلٌ بِالْمَشِيئَةِ وَالِاخْتِيَارِ، وَلَوْ قُدِّرَ تَعَدُّدُ الْمَصْدَرِ فَهُوَ تَعَدُّدُ أُمُورٍ إِضَافِيَّةٍ، وَتَعَدُّدُ الْإِضَافَاتِ وَالسُّلُوبِ ثَابِتَةٌ لَهُ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ تَعَدُّدُ صِفَاتٍ، فَهَذَا يَسْتَلْزِمُ الْقَوْلَ بِثُبُوتِ الصِّفَاتِ، وَهَذَا حَقٌّ.
وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ هَذَا تَرْكِيبٌ، وَالتَّرْكِيبُ (* مُمْتَنَعٌ، قَدْ بَيَّنَّا [فَسَادَهُ] بِوُجُوهٍ