وَالْأَشْعَرِيُّ يُوَافِقُهُمْ فِي الْمَعْنَى فَيَقُولُ: لَيْسَ لِلْعَبْدِ قُدْرَةٌ (?) مُؤَثِّرَةٌ، وَيُثْبِتُ شَيْئًا يُسَمِّيهِ قُدْرَةً يَجْعَلُ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ، وَكَذَلِكَ الْكَسْبُ الَّذِي يُثْبِتُهُ.

وَهَؤُلَاءِ لَا (?) يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَحْتَجُّوا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ بِأَنَّ رُجْحَانَ فَاعِلِيَّةِ الْعَبْدِ عَلَى تَارِكِيَّتِهِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُرَجِّحٍ - كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الرَّازِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنَ الْجَبْرِيَّةِ - وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرِ الْأَشْعَرِيُّ وَقُدَمَاءُ أَصْحَابِهِ هَذِهِ الْحُجَّةَ.

وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ - كَالرَّازِيِّ وَأَتْبَاعِهِ - إِذَا نَاظَرُوا الْمُعْتَزِلَةَ فِي مَسَائِلِ الْقَدَرِ أَبْطَلُوا هَذَا الْأَصْلَ، وَبَيَّنُوا (?) أَنَّ الْفِعْلَ يَجِبُ وُجُودُهُ عِنْدَ وُجُودِ الْمُرَجِّحِ التَّامِّ، وَأَنَّهُ يُمْتَنَعُ فِعْلُهُ بِدُونِ الْمُرَجِّحِ التَّامِّ، وَنَصَرُوا (?) أَنَّ الْقَادِرَ الْمُخْتَارَ لَا يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ عَلَى الْآخَرِ إِلَّا بِالْمُرَجِّحِ [التَّامِّ] (?) . وَإِذَا نَاظَرُوا الْفَلَاسِفَةَ فِي مَسْأَلَةِ حُدُوثِ الْعَالَمِ وَإِثْبَاتِ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ، وَإِبْطَالِ قَوْلِهِمْ بِالْمُوجِبِ بِالذَّاتِ، سَلَكُوا مَسْلَكَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ فِي الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقَادِرَ الْمُخْتَارَ يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ عَلَى الْآخَرِ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَعَامَّةُ الَّذِينَ سَلَكُوا مَسْلَكَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْخَطِيبِ (?) وَأَمْثَالِهِ (?) تَجِدُهُمْ يَتَنَاقَضُونَ هَذَا التَّنَاقُضَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015