لَمْ يَمْنَعْ (?) أَنْ يَجِدَ بَعْضَ أَلَمِ الْمَوْتِ، وَالْمَرِيضُ الَّذِي إِذَا أُخْبِرَ أَنَّ فِي دَوَائِهِ الْعَافِيَةَ، لَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَجِدَ مَرَارَةَ الدَّوَاءِ - فَقَامَ مُجْتَهِدًا فِي الدُّعَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَكَانَ هُوَ رَأْسَ الْأَمْرِ، وَقُطْبَ رَحَى الدِّينِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِأَفْضَلَ مِمَّا (?) يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ.
وَذَلِكَ الدُّعَاءُ وَالِاسْتِغَاثَةُ كَانَ أَعْظَمَ الْأَسْبَابِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا النَّصْرُ. وَمَقَامُ أَبِي بَكْرٍ دُونَ هَذَا، وَهُوَ مُعَاوَنَةُ الرَّسُولِ وَالذَّبُّ عَنْهُ، وَإِخْبَارُهُ بِأَنَّا وَاثِقُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالنَّظَرُ إِلَى جِهَةِ الْعَدُوِّ، وَهَلْ قَاتَلُوا الْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا؟ وَالنَّظَرُ إِلَى صُفُوفِ الْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا تَخْتَلَّ، وَتَبْلِيغُ الْمُسْلِمِينَ مَا يَأْمُرُ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْحَالِ.
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 40] . وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ النَّاسَ إِذَا لَمْ يَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ، إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ.
وَهَذِهِ الْحَالُ كَانَ الْخَوْفُ فِيهَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ غَيْرِهِ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي آخِرِ الْكِتَابِ. وَالْوَزِيرُ مَعَ الْأَمِيرِ لَهُ حَالٌ، وَلِلْأَمِيرِ (?) حَالٌ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ الرَّسُولِ