وَأُجْرَةُ مَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِحَمْلِ الْخَمْرِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، عَلَى أَظْهَرِ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ.
فَإِنَّ مَنِ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةً مُحَرَّمَةً بِعِوَضِهَا، كَالَّذِي يَزْنِي بِالْمَرْأَةِ بِالْجُعْلِ، أَوْ يَسْتَمِعُ الْمَلَاهِيَ بِالْجُعْلِ، أَوْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ بِالْجُعْلِ، إِنْ أُعِيدَ إِلَيْهِ جُعْلُهُ بَعْدَ قَضَاءِ غَرَضِهِ، فَهَذَا زِيَادَةٌ فِي إِعَانَتِهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَإِنْ كَانَ يَطْلُبُهَا بِالْعِوَضِ، فَإِذَا حَصَلَتْ لَهُ هِيَ وَالْعِوَضُ كَانَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي إِعَانَتِهِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَإِنْ أُعْطِيَ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ وَالْمُؤَجِّرِ كَانَ قَدْ أُبِيحَ لَهُ الْعِوَضُ الْخَبِيثُ، فَصَارَ مَصْرُوفُ (?) هَذَا الْمَالِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.
وَعُمَرُ إِمَامٌ عَدْلٌ، فَكَانَ قَدْ رَأَى أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْمَهْرِ الشَّرْعِيِّ يَكُونُ هَكَذَا، فَعَارَضَتْهُ امْرَأَةٌ وَقَالَتْ: لِمَ تَمْنَعْنَا شَيْئًا أَعْطَانَا اللَّهُ إِيَّاهُ فِي كِتَابِهِ؟ فَقَالَ: وَأَيْنَ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ فَقَالَتْ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 20] ، وَرُوِيَ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ: أَمِنْكَ نَسْمَعُ أَمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: بَلْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ. فَقَرَأَتْ عَلَيْهِ الْآيَةَ ; فَقَالَ: رَجُلٌ أَخْطَأَ وَامْرَأَةٌ أَصَابَتْ (?) .