وَهَذَا الْمَذْهَبُ هُوَ مِنْ أَبْعَدِ الْمَذَاهِبِ عَنْ مَذْهَبِ الْجَهْمِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ. وَأَمَّا الرَّافِضَةُ (?) - كَهَذَا الْمُصَنِّفِ وَأَمْثَالِهِ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْإِمَامِيَّةِ - فَإِنَّهُمْ جَمَعُوا أَخَسَّ الْمَذَاهِبِ: مَذْهَبُ الْجَهْمِيَّةِ فِي الصِّفَاتِ، وَمَذْهَبُ الْقَدَرِيَّةِ فِي أَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَمَذْهَبُ الرَّافِضَةِ فِي الْإِمَامَةِ وَالتَّفْضِيلِ.
فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ مِنَ الْكَلَامِ فَهُوَ كَذِبٌ عَلَيْهِ، وَلَا مَدْحَ فِيهِ. وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقَرَامِطَةَ الْبَاطِنِيَّةَ يَنْسُبُونَ قَوْلَهُمْ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ أُعْطِيَ عِلْمًا بَاطِنًا مُخَالِفًا لِلظَّاهِرِ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " «وَالَّذِي فَلَقَ (?) الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، مَا عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ (?) إِلَى النَّاسِ، إِلَّا مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، وَكَانَ فِيهَا: الْعَقْلُ، وَفِكَاكُ الْأَسْرَى، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، إِلَّا فَهْمًا يُؤْتِيهِ اللَّهُ عَبْدًا فِي الْكِتَابِ» " (?) .
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَنْسُبُ إِلَيْهِ الْكَلَامُ فِي الْحَوَادِثِ، كَالْجَفْرِ وَغَيْرِهِ، وَآخَرُونَ يَنْسُبُونَ إِلَيْهِ الْبِطَاقَةَ وَأُمُورًا أُخْرَى، يُعْلَمُ أَنَّ عَلِيًّا بَرِيءٌ مِنْهَا.