عَلِيٌّ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَكْمُلْ حَتَّى صَارَ لِعَلِيٍّ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً، فَإِنَّمَا حَفِظَ أَكْثَرَ ذَلِكَ فِي كِبَرِهِ لَا فِي صِغَرِهِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي حِفْظِهِ لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ عَلَى قَوْلَيْنِ.
وَالْأَنْبِيَاءُ أَعْلَمُ الْخَلْقِ، وَلَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ (?) ، إِلَّا عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَعْلِيمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُطْلَقًا لَمْ يَكُنْ يَخُصُّ بِهِ أَحَدًا، وَلَكِنْ بِحَسَبِ اسْتِعْدَادِ الطَّالِبِ، وَلِهَذَا حَفِظَ عَنْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَبَعْضِ أُخْرَى مَا لَمْ يَحْفَظْهُ غَيْرُهُ، وَكَانَ اجْتِمَاعُ أَبِي بَكْرٍ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ (?) : " إِنَّ النَّاسَ مِنْهُ اسْتَفَادُوا الْعُلُومَ (?) ".
فَهَذَا بَاطِلٌ، فَإِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ - الَّتِي كَانَتْ دَارَهُ - كَانُوا قَدْ تَعَلَّمُوا الْإِيمَانَ، وَالْقُرْآنَ وَتَفْسِيرَهُ، وَالْفِقْهَ، وَالسُّنَّةَ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ، قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ عَلِيٌّ الْكُوفَةَ.
وَإِذَا قِيلَ: إِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ (?) قَرَأَ عَلَيْهِ، فَمَعْنَاهُ: عَرَضَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ (?) قَدْ حَفِظَ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ عَلِيٌّ الْكُوفَةَ، وَهُوَ