دَخَلَ فِيهِ حَدِيدٌ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَمْعِهِ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَهَذَا كَذِبٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا مَدْحَ فِيهِ، فَإِنَّ هَذَا لَوْ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَشُرِّعَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ كَانَ يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَصَدَّقُوا وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ لَتَصَدَّقُوا، فَلَمَّا لَمْ يَسْتَحِبَّ هَذَا أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ عِبَادَةً بَلْ مَكْرُوهًا.
وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَمْرِ النَّذْرِ وَالدَّرَاهِمِ الْأَرْبَعَةِ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ كَذِبٌ، وَلَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ (?) مَدْحٍ.
وَقَوْلُهُ: " أَعْتَقَ أَلْفَ عَبْدٍ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ ".
مِنَ الْكَذِبِ الَّذِي لَا يَرُوجُ إِلَّا عَلَى أَجْهَلِ النَّاسِ، فَإِنَّ عَلِيًّا لَمْ يُعْتِقْ أَلْفَ عَبْدٍ، بَلْ (?) وَلَا مِائَةً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ بِيَدِهِ يَقُومُ بِعُشْرِ هَذَا، فَإِنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ صِنَاعَةٌ يَعْمَلُهَا، وَكَانَ مَشْغُولًا: إِمَّا بِجِهَادٍ وَإِمَّا بِغَيْرِهِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " كَانَ يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ وَيُنْفِقُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْبِ ".
كَذِبٌ بَيِّنٌ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَخْرُجُونَ مِنَ الشِّعْبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الشِّعْبِ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ أَبَاهُ أَبَا طَالِبٍ كَانَ مَعَهُمْ فِي الشِّعْبِ، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ خَدِيجَةَ كَانَتْ مُوسِرَةً تُنْفِقُ مِنْ مَالِهَا.
وَالرَّابِعُ: أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يُؤَجِّرْ نَفْسَهُ بِمَكَّةَ قَطُّ، وَكَانَ صَغِيرًا حِينَ كَانَ فِي الشِّعْبِ: إِمَّا مُرَاهِقًا، وَإِمَّا (?) مُحْتَلِمًا، فَكَانَ عَلِيٌّ فِي الشِّعْبِ مِمَّنْ يُنْفِقُ