الْجَاهِلُ، وَبُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّ الزُّهْدَ إِنَّمَا هُوَ عُزُوفُ (?) النَّفْسِ عَنْ حُبِّ الصَّوْتِ، وَعَنِ الْمَالِ، وَعَنِ اللَّذَّاتِ، وَعَنِ الْمَيْلِ إِلَى الْوَلَدِ وَالْحَاشِيَةِ، لَيْسَ لِلزُّهْدِ (?) مَعْنًى يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الزُّهْدِ إِلَّا هَذَا الْمَعْنَى، فَأَمَّا عُزُوفُ النَّفْسِ عَنِ الْمَالِ فَقَدْ عَلِمَ كُلُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى بَصَرٍ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الْخَالِيَةِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَسْلَمَ وَلَهُ مَالٌ عَظِيمٌ، قِيلَ: أَرْبَعِينَ أَلْفًا (?) أَنْفَقَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ كُلَّهَا، وَأَعْتَقَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْعَبِيدِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُعَذَّبِينَ فِي ذَاتِ اللَّهِ، وَلَمْ يُعْتِقْ عَبِيدًا أَجْلَادًا (?) يَمْنَعُونَهُ، لَكِنْ كُلَّ مُعَذَّبٍ وَمُعَذَّبَةٍ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى هَاجَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَبْقَ لِأَبِي بَكْرٍ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ إِلَّا سِتَّةُ آلَافِ دِرْهَمٍ حَمَلَهَا كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُبْقِ لِبَنِيهِ مِنْهَا دِرْهَمًا، ثُمَّ أَنْفَقَهَا كُلَّهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَبَقِيَ فِي عَبَاءَةٍ لَهُ قَدْ خَلَّلَهَا بِعُودٍ، إِذَا نَزَلَ فَرَشَهَا، وَإِذَا رَكِبَ لَبِسَهَا، إِذْ تَمَوَّلَ غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَاقْتَنَى الرِّبَاعَ الْوَاسِعَةَ، وَالضِّيَاعَ الْعَظِيمَةَ مِنْ حِلِّهَا وَحَقِّهَا، إِلَّا أَنَّ مَنْ آثَرَ بِذَلِكَ (اللَّهَ) (?) فِي سَبِيلِ اللَّهِ (?) أَزْهَدُ مِمَّنْ أَنْفَقَ وَأَمْسَكَ، ثُمَّ وَلِيَ الْخِلَافَةَ فَمَا اتَّخَذَ جَارِيَةً، وَلَا تَوَسَّعَ فِي مَالٍ.

وَعَدَّ عِنْدَ مَوْتِهِ (?) مَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَوَلَدِهِ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي لَمْ يَسْتَوْفِ مِنْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015