أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ لَوْ تَوَلَّى غَيْرُهُمَا كَانَ لَمْ يَفْعَلْ مَا فَعَلَا، إِمَّا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ، وَإِمَّا لِعَدَمِ الْإِرَادَةِ.
فَإِنَّهُ إِذَا قِيلَ: لِمَ لَمْ يَغْلِبْ عَلِيٌّ مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابَهُ؟ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ ذَلِكَ: إِمَّا عَدَمُ كَمَالِ الْقُدْرَةِ، وَإِمَّا عَدَمُ كَمَالِ الْإِرَادَةِ، وَإِلَّا فَمَعَ كَمَالِ الْقُدْرَةِ وَكَمَالِ الْإِرَادَةِ يَجِبُ وُجُودُ الْفِعْلِ، وَمِنْ تَمَامِ الْقُدْرَةِ طَاعَةُ الْأَتْبَاعِ لَهُ، وَمِنْ تَمَامِ الْإِرَادَةِ إِرَادَةُ (?) مَا هُوَ الْأَصْلَحُ الْأَنْفَعُ الْأَرْضَى لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ.
وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ كَانَتْ قُدْرَتُهُمَا أَكْمَلَ وَإِرَادَتُهُمَا أَفْضَلَ، فَبِهَذَا نَصَرَ اللَّهُ بِهِمَا الْإِسْلَامَ، وَأَذَلَّ بِهِمَا الْكُفْرَ وَالنِّفَاقَ، وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُؤْتَ مِنْ كَمَالِ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ مَا أُوتِيَا.
وَاللَّهُ تَعَالَى كَمَا فَضَّلَ بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ، فَضَّلَ بَعْضَ الْخُلَفَاءِ عَلَى بَعْضٍ، فَلَمَّا لَمْ يُؤْتَ مَا أُوتِيَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَفْعَلَ فِي خِلَافَتِهِ مَا فَعَلَا، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ (?) عَنْ ذَلِكَ بِمَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْجَزَ وَأَعْجَزَ، فَإِنَّهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ قُدِّرَ ذَلِكَ، فَإِنَّ غَايَةَ مَا يَقُولُ الْمُتَشَيِّعُ: إِنَّ أَتْبَاعَهُ لَمْ يَكُونُوا يُطِيعُونَهُ.
فَيُقَالُ: إِذَا (?) كَانَ الَّذِينَ بَايَعُوهُ (?) لَمْ يُطِيعُوهُ، فَكَيْفَ يُطِيعُهُ مَنْ لَمْ يُبَايِعْهُ (?) ؟ وَإِذَا قِيلَ: لَوْ بَايَعُوهُ (?) بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفَعَلَ بِهِمْ أَعْظَمَ مِمَّا فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ.