الْعَدَمِ] (?) ، ثُمَّ يُوصَفُ بِالْغِنَى وَالْوُجُودِ، فَأَمَّا مَا لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا غَنِيًّا، فَكَيْفَ يُوصَفُ بِفَقْرٍ وَإِمْكَانٍ؟ فَإِنَّهُ إِنْ حُكِمَ بِالْفَقْرِ وَالْإِمْكَانِ وَقَبُولِ الْعَدَمِ عَلَى الْمَوْجُودِ الْغَنِيِّ، كَانَ ذَلِكَ مُمْتَنَعًا فِيهِ - كَمَا تَقَدَّمَ - إِذَا كَانَ لَا يَقْبَلُ الْعَدَمَ أَلْبَتَّةَ، وَإِنْ حُكِمَ بِالْفَقْرِ وَالْإِمْكَانِ وَقَبُولِ الْعَدَمِ عَلَى مَا فِي الذِّهْنِ، بِمَعْنَى (?) أَنَّهُ يَفْتَقِرُ وُجُودُهُ فِي الْخَارِجِ إِلَى فَاعِلٍ، فَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا ثُمَّ يُوجَدُ.

وَإِنْ قِيلَ: بَلْ فَاعِلُهُ يَتَصَوَّرُهُ فِي نَفْسِهِ مَعَ دَوَامِ فِعْلِهِ لَهُ، وَالْمُمْكِنُ هُوَ مَا فِي النَّفْسِ.

قِيلَ: مَا فِي النَّفْسِ الْوَاجِبُ وَاجِبٌ بِهِ لَا يَقْبَلُ الْعَدَمَ، وَمَا فِي الْخَارِجِ وَاجِبٌ بِهِ لَا يَقْبَلُ الْعَدَمَ، فَأَيْنَ الْقَابِلُ لِلْوُجُودِ وَالْعَدَمِ؟ .

وَإِنْ قِيلَ: مَا تُصُوِّرَ فِي النَّفْسِ يَقْبَلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ فِي الْخَارِجِ.

قِيلَ: هَذَا مُمْتَنَعٌ مَعَ وُجُوبِ وَجُودِهِ [دَائِمًا (?) فِي الْخَارِجِ، بَلْ هَذَا مَعْقُولٌ فِيمَا يُعْدَمُ تَارَةً وَيُوجَدُ أُخْرَى، فَإِذَا كَانَ كُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ مُمْكِنًا فَقِيرًا، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا تَارَةً وَمَعْدُومًا أُخْرَى (?) .

وَهَذَا الدَّلِيلُ مُسْتَقِرٌّ فِي فِطَرِ النَّاسِ، فَكُلُّ مَنْ يَتَصَوَّرُ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ مُحْتَاجًا إِلَى اللَّهِ مُفْتَقِرًا إِلَيْهِ، لَيْسَ مَوْجُودًا بِنَفْسِهِ بَلْ وُجُودُهُ بِاللَّهِ، تَصَوَّرَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ. فَأَمَّا إِذَا قِيلَ: هُوَ فَقِيرٌ مَصْنُوعٌ مُحْتَاجٌ، وَأَنَّهُ دَائِمًا مَعَهُ لَمْ يَحْدُثْ عَنْ عَدَمٍ، لَمْ يُعْقَلْ هَذَا وَلَمْ يُتَصَوَّرْ إِلَّا كَمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015