وَهَذَا هُوَ الْكَمَالُ فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، فَإِنَّ الضَّلَالَ عَدَمُ الْعِلْمِ، وَالْغَيَّ اتِّبَاعُ الْهَوَى، وَلِهَذَا أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ نَقُولَ فِي صَلَاتِنَا: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ - صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (سُورَةِ الْفَاتِحَةِ: 6، 7) ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الْيَهُودُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ، وَالنَّصَارَى ضَالُّونَ» " (?) فَالْمُهْتَدِي الرَّاشِدُ الَّذِي هَدَاهُ اللَّهُ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالِ الْجُهَّالِ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الْغَيِّ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ أَعْلَمُ بِالرَّسُولِ مِنْ بَعْضٍ، وَبَعْضُهُمْ أَكْثَرُ تَبْلِيغًا لِمَا عَلِمَهُ مِنْ بَعْضٍ، ثُمَّ قَدْ يَكُونُ عِنْدَ الْمَفْضُولِ عِلْمُ قَضِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يَعْلَمْهَا الْأَفْضَلُ فَيَسْتَفِيدُهَا مِنْهُ، وَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَعْلَمَ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَلَا أَنَّ هَذَا الْأَعْلَمَ يَتَعَلَّمُ مِنْ ذَلِكَ الْمَفْضُولِ مَا امْتَازَ بِهِ.

وَلِهَذَا كَانَ الْخُلَفَاءُ يَسْتَفِيدُونَ مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ عِلْمًا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ، كَمَا اسْتَفَادَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِلْمَ مِيرَاثِ الْجَدَّةِ (?) مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ (?) ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ (?) وَاسْتَفَادَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِلْمَ دِيَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015