أَهْلِ الْكَلَامِ إِنَّهُ لَيْسَ صِفَةَ كَمَالٍ وَلَا نَقْصٍ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [سُورَةُ النَّحْلِ: 17] .

وَإِذَا (?) كَانَ كَذَلِكَ، فَمِنَ الْمَعْقُولِ أَنَّ الْفَاعِلَ الَّذِي يَفْعَلُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ (?) أَكْمَلُ مِمَّنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ وَلَا إِرَادَةَ، وَالْفَاعِلُ (?) الْقَادِرُ الْمُخْتَارُ الَّذِي يَفْعَلُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، أَكْمَلُ مِمَّنْ يَكُونُ مَفْعُولُهُ لَازِمًا لَهُ يَقْدِرُ عَلَى إِحْدَاثِ شَيْءٍ وَلَا تَغْيِيرِهِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، إِنْ كَانَ يَعْقِلُ فَاعِلًا يَلْزَمُهُ مَفْعُولُهُ (?) الْمُعَيَّنُ، فَإِنَّ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يَفْعَلَ مَفْعُولَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَيَقْدِرُ عَلَى تَغْيِيرِهَا مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، أَكْمَلُ مِمَّنْ لَيْسَ كَذَلِكَ. فَلِمَاذَا يَصِفُونَ وَاجِبَ الْوُجُودِ بِالْفِعْلِ النَّاقِصِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا؟ كَيْفَ وَمَا ذَكَرُوهُ مُمْتَنَعٌ، لَا يُعْقَلُ فَاعِلٌ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَالُوهُ؟ .

بَلْ مَنْ قَدَّرَ شَيْئًا فَاعِلًا لِلَازِمِهِ الَّذِي لَا يُفَارِقُهُ بِحَالٍ، كَانَ مُخَالِفًا لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ عِنْدَ النَّاسِ، وَقِيلَ لَهُ: هَذَا صِفَةٌ لَهُ (?) أَوْ مُشَارِكٌ لَهُ لَيْسَ مَفْعُولًا لَهُ. وَلَوْ قِيلَ لِعَامَّةِ الْعُقَلَاءِ السَّلِيمِي الْفِطْرَةِ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَعَ هَذَا فَلَمْ تَزَالَا مَعَهُ، لَقَالُوا: هَذَا يُنَافِي خَلْقَهُ لَهُمَا، فَلَا يُعْقَلُ خَلْقُهُ لَهُمَا إِلَّا إِذَا خَلَقَهُمَا بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُونَا مَوْجُودَتَيْنِ.

وَأَمَّا إِذَا قِيلَ: لَمْ تَزَالَا مَوْجُودَتَيْنِ (?) كَانَ الْقَوْلُ مَعَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ خَلَقَهُمَا جَمِيعًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015