وَفِي الْجُمْلَةِ فَرْقٌ بَيْنَ الْوَلِيِّ، وَالْمَوْلَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَبَيْنَ الْوَالِي فَبَابُ الْوِلَايَةِ الَّتِي هِيَ ضِدُّ (?) الْعَدَاوَةِ - شَيْءٌ، وَبَابُ الْوِلَايَةِ - الَّتِي هِيَ الْإِمَارَةُ - شَيْءٌ.

وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ: مَنْ كُنْتُ وَالِيَهُ فَعَلِيٌّ وَالِيهِ، وَإِنَّمَا اللَّفْظُ: " «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» " (?) .

وَأَمَّا كَوْنُ الْمَوْلَى (?) بِمَعْنَى الْوَالِي فَهَذَا بَاطِلٌ، فَإِنَّ الْوِلَايَةَ تَثْبُتُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ (?) أَوْلِيَاءُ اللَّهِ، وَهُوَ مَوْلَاهُمْ.

وَأَمَّا كَوْنُهُ أَوْلَى بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَلَا يَثْبُتُ إِلَّا مِنْ طَرَفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَوْنُهُ أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ خَصَائِصِ نَبُوَّتِهِ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى خَلِيفَةٍ مِنْ بَعْدِهِ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُوجِبًا أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتِهِمْ، وَلَوْ أُرِيدَ هَذَا الْمَعْنَى لَقَالَ: مَنْ كُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَلِيٌّ أَوْلَى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ وَلَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ، وَمَعْنَاهُ بَاطِلٌ قَطْعًا ; لِأَنَّ كَوْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ أَمْرٌ ثَابِتٌ فِي حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ، وَخِلَافَةُ عَلِيٍّ - لَوْ قُدِّرَ وَجُودُهَا - لَمْ تَكُنْ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، لَمْ تَكُنْ فِي حَيَاتِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ خَلِيفَةً فِي زَمَنِهِ فَلَا يَكُونُ حِينَئِذٍ أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ (?) ، بَلْ وَلَا يَكُونُ مَوْلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا أُرِيدَ (بِهِ) (?) الْخِلَافَةُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015