الثَّانِي: أَنَّا نَرْضَى مِنْهُ مِنْ هَذَا النَّقْلِ الْعَامِّ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ: إِمَّا بِإِسْنَادٍ يَذْكُرُهُ مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ، وَلَوْ أَنَّهُ مَسْأَلَةٌ فَرْعِيَّةٌ، وَإِمَّا قَوْلُ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَعْتَمِدُ النَّاسُ عَلَى تَصْحِيحِهِمْ.
فَإِنَّهُ لَوْ تَنَاظَرَ فَقِيهَانِ فِي فَرْعٍ مِنَ الْفُرُوعِ، لَمْ تَقُمِ الْحُجَّةُ عَلَى الْمُنَاظَرَةِ (?) . إِلَّا بِحَدِيثٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ مُسْنَدٌ إِسْنَادًا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، أَوْ يُصَحِّحُهُ مَنْ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا إِذَا لَمْ يُعْلَمُ إِسْنَادُهُ، وَلَمْ يُثْبِتْهُ (?) . أَئِمَّةُ النَّقْلِ، فَمِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ؟ لَا سِيَّمَا فِي مَسَائِلِ الْأُصُولِ الَّتِي يُبْنَى عَلَيْهَا الطَّعْنُ فِي سَلَفِ الْأُمَّةِ وَجُمْهُورِهَا، وَيُتَوَسَّلُ بِذَلِكَ إِلَى هَدْمِ قَوَاعِدِ الْمَسْأَلَةِ، فَكَيْفَ يُقْبَلُ (?) . فِي مِثْلِ ذَلِكَ حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ إِسْنَادُهُ وَلَا يُثْبِتُهُ أَئِمَّةُ النَّقْلِ (?) . وَلَا يُعْرَفُ أَنَّ عَالِمًا صَحَّحَهُ.
الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثُ كَذِبٌ (?) . عِنْدِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ فَمَا مِنْ عَالِمٍ يَعْرِفُ الْحَدِيثَ إِلَّا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ (?) .، وَلِهَذَا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي الْكُتُبِ الَّتِي يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي الْمَنْقُولَاتِ لِأَنَّ أَدْنَى مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْحَدِيثِ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ.
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَالْبَغَوِيُّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ فَهْدٍ، أَبُو مَرْيَمَ الْكُوفِيُّ (?) .، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى تَرْكِهِ، كَذَّبَهُ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو