[شَيْءٌ] (?) . سِوَاهُ وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُلْهِمُ الْعِبَادَ أَنْ يَدْعُوهُ [فَيَدْعُونَهُ] (?) فَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ، وَيُلْهِمُهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ فَيُطِيعُونَهُ فَيُثِيبَهُمْ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْفَاعِلُ لِلْإِجَابَةِ وَالْإِثَابَةِ كَمَا أَنَّهُ أَوَّلًا جَعَلَ الْعِبَادَ دَاعِينَ مُطِيعِينَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مُفْتَقِرًا إِلَى غَيْرِهِ أَلْبَتَّةَ.
وَكُلُّ مَنْ تَدَبَّرَ هَذِهِ الْأُمُورَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْأَعْيَانِ وَصِفَاتِهَا وَأَفْعَالِهَا بِأَفْعَالِهِ الِاخْتِيَارِيَّةِ الْقَائِمَةِ بِنَفْسِهِ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ نُصُوصُ الْأَنْبِيَاءِ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَسَاطِينُ الْفَلَاسِفَةِ الْقُدَمَاءِ، وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ حُدُوثَ كُلِّ مَا سِوَاهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ عِلَّةً أَزَلِيَّةً لِمَعْلُولٍ قَدِيمٍ مَعَ أَنَّهُ دَائِمُ الْفَاعِلِيَّةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ دَوَامِ كَوْنِهِ فَاعِلًا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَفْعُولٌ مُعَيَّنٌ قَدِيمٌ، بَلْ هَذَا مِنْ أَبْطَلِ الْبَاطِلِ.
وَهَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةُ الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ عَنْ مُوجَبٍ بِذَاتِهِ هُوَ عِلَّةٌ تَامَّةٌ أَزَلِيَّةٌ [لَهُ] (?) يُسَلِّمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ عِلَّةً تَامَّةً فِي الْأَزَلِ لِكُلِّ حَادِثٍ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ مَنْ يَتَصَوَّرُ مَا يَقُولُ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ التَّامَّةَ هِيَ الَّتِي تَسْتَلْزِمُ مَعْلُولَهَا وَتَسْتَعْقِبُهُ، فَإِذَا كَانَ الْمَعْلُولُ حَادِثًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ لَمْ يَكُنِ الْمُسْتَلْزِمُ لَهُ أَزَلِيًّا؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَأَخُّرِ الْمَعْلُولِ (?) وَتَرَاخِيهِ زَمَانًا لَا نِهَايَةَ لَهُ عَنِ الْعِلَّةِ التَّامَّةِ الْأَزَلِيَّةِ، فَإِنَّ كُلَّ حَادِثٍ يُوجَدُ فِي الْعَالَمِ مُتَأَخِّرٌ (?) عَنِ الْأَزَلِ تَأَخُّرًا لَا نِهَايَةَ لَهُ، فَلَوْ كَانَتْ عِلَّتُهُ التَّامَّةُ ثَابِتَةً فِي الْأَزَلِ لَكَانَ الْمَعْلُولُ