الْوَاقِعِ. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا، لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ الشِّيعَةِ ; فَإِنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ (?) الْأُمَّةَ كُلَّهَا خَذَلَتْهُ إِلَى قَتْلِ عُثْمَانَ.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأُمَّةَ كَانَتْ مَنْصُورَةً فِي أَعْصَارِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ، نَصْرًا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا بَعْدَهُ مِثْلُهُ. ثُمَّ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، وَصَارَ النَّاسُ ثَلَاثَةَ أَحْزَابٍ: حِزْبٌ نَصَرَهُ وَقَاتَلَ مَعَهُ، وَحِزْبٌ قَاتَلُوهُ، وَحِزْبٌ خَذَلُوهُ لَمْ يُقَاتَلُوا لَا مَعَ هَؤُلَاءِ وَلَا مَعَ هَؤُلَاءِ - لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَهُ مَنْصُورِينَ عَلَى الْحِزْبَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَلَا عَلَى الْكُفَّارِ، بَلْ أُولَئِكَ (?) الَّذِينَ نُصِرُوا عَلَيْهِمْ، وَصَارَ الْأَمْرُ لَهُمْ ; لَمَّا تَوَلَّى مُعَاوِيَةُ، فَانْتَصَرُوا (?) عَلَى الْكُفَّارِ، وَفَتَحُوا الْبِلَادَ، إِنَّمَا (?) كَانَ عَلِيٌّ مَنْصُورًا كَنَصْرِ أَمْثَالِهِ فِي قِتَالِ الْخَوَارِجِ وَالْكُفَّارِ (?) .
وَالصَّحَابَةُ الَّذِينَ قَاتَلُوا الْكُفَّارَ وَالْمُرْتَدِّينَ كَانُوا مَنْصُورِينَ نَصْرًا عَظِيمًا، فَالنَّصْرُ (?) وَقَعَ كَمَا وَعَدَ اللَّهُ بِهِ حَيْثُ قَالَ: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [سُورَةُ غَافِرٍ: 51] .
فَالْقِتَالُ الَّذِي كَانَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَأَمْرِ رَسُولِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْكُفَّارِ وَالْمُرْتَدِّينَ وَالْخَوَارِجِ، كَانُوا فِيهِ مَنْصُورِينَ [نَصْرًا عَظِيمًا] (?) إِذَا اتَّقَوْا وَصَبَرُوا، فَإِنَّ التَّقْوَى وَالصَّبْرَ مِنْ تَحْقِيقِ (?) الْإِيمَانِ الَّذِي عُلِّقَ بِهِ النَّصْرُ.