مِنْ فِعْلِهِ. وَإِنْ خَافَ أَنْ لَا تَفْعَلَهُ إِلَّا بِأَمْرِهِ، كَانَ الْأَمْرُ أَوْلَى بِهِ.
وَلِهَذَا لَمَّا خَشِيَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يَخْتَلِفُوا بَعْدَهُ، عَهِدَ إِلَى عُمَرَ، وَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ يُبَايِعُونَ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِذَلِكَ (?) .
كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ: «ادْعِي لِي أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي " ثُمَّ [قَالَ] (?) : " يَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» (?) .
فَعُلِمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُوَلِّي إِلَّا أَبَا بَكْرٍ وَالْمُؤْمِنُونَ لَا يُبَايِعُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ (?) . وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَ تَرْكُ الْأَمْرِ مَعَ عِلْمِهِ أَفْضَلَ، كَمَا فَعَلَ [النَّبِيُّ] (?) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ إِذَا وَلَّتْهُ طَوْعًا مِنْهَا بِغَيْرِ الْتِزَامٍ - وَكَانَ هُوَ الَّذِي يَرْضَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - كَانَ أَفْضَلَ لِلْأُمَّةِ، وَدَلَّ عَلَى عِلْمِهَا وَدِينِهَا.
فَإِنَّهَا لَوْ أُلْزِمَتْ بِذَلِكَ، لَرُبَّمَا قِيلَ: إِنَّهَا أُكْرِهَتْ عَلَى الْحَقِّ، وَهِيَ لَا تَخْتَارُهُ، كَمَا كَانَ يَجْرِي [مِثْلُ] (?) ذَلِكَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَيَظُنُّ الظَّانُّ أَنَّهُ كَانَ فِي الْأُمَّةِ بَقَايَا جَاهِلِيَّةٍ مِنَ التَّقَدُّمِ بِالْأَنْسَابِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُرِيدُونَ أَنْ لَا يَتَوَلَّى إِلَّا مَنْ هُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، كَمَا كَانَ أَبُو سُفْيَانَ وَغَيْرُهُ