وَأَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ (?) : فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْصُومٍ، فَقَوْلُهُمْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ غَيْرُ عَلِيٍّ اتِّفَاقًا مَمْنُوعٌ، بَلْ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مِنْ عُبَّادِهِمْ وَصُوفِيَّتِهِمْ وَجُنْدِهِمْ (?) وَعَامَّتِهِمْ يَعْتَقِدُونَ فِي كَثِيرٍ مِنْ شُيُوخِهِمْ مِنَ الْعِصْمَةِ، مِنْ جِنْسِ مَا تَعْتَقِدُهُ الرَّافِضَةُ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ، وَرُبَّمَا عَبَّرُوا هُوَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: " الشَّيْخُ مَحْفُوظٌ ".
وَإِذَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَ هَذَا فِي شُيُوخِهِمْ، مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ، فَاعْتِقَادُهُمْ ذَلِكَ فِي الْخُلَفَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ أَوْلَى.
وَكَثِيرٌ (?) مِنَ النَّاسِ فِيهِمْ مِنَ الْغُلُوِّ فِي شُيُوخِهِمْ مِنْ جِنْسِ مَا فِي الشِّيعَةِ مِنَ الْغُلُوِّ فِي الْأَئِمَّةِ.
وَأَيْضًا فَالْإِسْمَاعِيلِيَّةُ يَعْتَقِدُونَ عِصْمَةَ أَئِمَّتِهِمْ، وَهُمْ غَيْرُ الِاثْنَيْ عَشَرَ.
وَأَيْضًا فَكَثِيرٌ مِنْ أَتْبَاعِ بَنِي أُمَيَّةَ - أَوْ أَكْثَرِهِمْ - كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ وَلَا عَذَابَ، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُؤَاخِذُهُمْ عَلَى مَا يُطِيعُونَ فِيهِ الْإِمَامَ، بَلْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَةُ الْإِمَامِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَاللَّهُ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ. وَكَلَامُهُمْ فِي ذَلِكَ مَعْرُوفٌ كَثِيرٌ.
وَقَدْ أَرَادَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنْ يَسِيرَ بِسِيرَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَجَاءَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِهِمْ، فَحَلَفُوا لَهُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَنَّهُ إِذَا وَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّاسِ إِمَامًا تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ (?) الْحَسَنَاتِ وَتَجَاوَزَ عَنْهُ السَّيِّئَاتِ (?) .