ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّ أَوَّلَ مَنِ ابْتَدَعَ الرَّفْضَ وَالْقَوْلَ بِالنَّصِّ عَلَى عَلِيٍّ وَعِصْمَتِهِ كَانَ مُنَافِقًا زِنْدِيقًا، أَرَادَ فَسَادَ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَأَرَادَ أَنْ يَصْنَعَ بِالْمُسْلِمِينَ مَا صَنَعَ بُولِصُ بِالنَّصَارَى، لَكِنْ لَمْ يَتَأَتَّ لَهُ مَا تَأَتَّى لَبُولِصَ، لِضَعْفِ دِينِ النَّصَارَى وَعَقْلِهِمْ، فَإِنَّ الْمَسِيحَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُفِعَ وَلَمْ يَتْبَعْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ يَعْلَمُونَ دِينَهُ، وَيَقُومُونَ بِهِ عِلْمًا وَعَمَلًا، فَلَمَّا ابْتَدَعَ بُولِصُ مَا ابْتَدَعَهُ مِنْ لَغْوٍ فِي الْمَسِيحِ، اتَّبَعَهُ عَلَى ذَلِكَ طَوَائِفُ وَأَحَبُّوا الْغُلُوَّ فِي الْمَسِيحِ، وَدَخَلَتْ مَعَهُمْ مُلُوكٌ، فَقَامَ أَهْلُ الْحَقِّ خَالَفُوهُمْ وَأَنْكَرُوا عَلَيْهِمْ، فَقَتَلَتِ الْمُلُوكُ بَعْضَهُمْ، وَدَاهَنَ الْمُلُوكُ بَعْضَهُمْ، وَبَعْضُهُمُ اعْتَزَلُوا (?) فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ.

وَهَذِهِ الْأُمَّةُ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - لَا يَزَالُ فِيهَا طَائِفَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى الْحَقِّ، فَلَا يَتَمَكَّنُ مُلْحِدٌ وَلَا مُبْتَدِعٌ مِنْ إِفْسَادِهِ بِغُلُوٍّ أَوِ انْتِصَارٍ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ (?) ، وَلَكِنْ يَضِلُّ مَنْ يَتْبَعُهُ عَلَى ضَلَالِهِ.

وَأَيْضًا فَنُوَّابُ الْمَعْصُومِ الَّذِي يَدْعُونَهُ غَيْرُ مَعْصُومِينَ (?) فِي الْجُزْئِيَّاتِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيُقَالُ: إِذَا كَانَتِ الْعِصْمَةُ فِي الْجُزْئِيَّاتِ غَيْرَ وَاقِعَةٍ، وَإِنَّمَا الْمُمْكِنُ الْعِصْمَةُ فِي الْكُلِّيَّاتِ، فَاللَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ أَنْ يَنُصَّ عَلَى الْكُلِّيَّاتِ، بِحَيْثُ لَا يُحْتَاجُ فِي مَعْرِفَتِهَا إِلَى الْإِمَامِ وَلَا غَيْرِهِ، وَقَادِرٌ أَيْضًا أَنْ يَجْعَلَ نَصَّ النَّبِيِّ أَكْمَلَ مِنْ نَصِّ الْإِمَامِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى عِصْمَةِ الْإِمَامِ، لَا فِي الْكُلِّيَّاتِ وَلَا فِي الْجُزْئِيَّاتِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015