مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 33] . فَكُلُّ مَا حُرِّمَ تَحْرِيمًا مُطْلَقًا عَامًّا لَا يُبَاحُ فِي حَالٍ فَيُبَاحُ فِي أُخْرَى، كَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ.
وَجَمِيعُ الْوَاجِبَاتِ فِي قَوْلِهِ: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 29] الْآيَةَ، فَالْوَاجِبُ كُلُّهُ مَحْصُورٌ فِي حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ عِبَادِهِ.
وَحَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحُقُوقُ عِبَادِهِ الْعَدْلُ. كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " يَا مُعَاذُ، أَتُدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ؟ " قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. يَا مُعَاذُ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ " قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " حَقُّهُمْ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ» (?) .
ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ فَصَّلَ أَنْوَاعَ الْفَوَاحِشِ وَالْبَغْيَ، وَأَنْوَاعَ حُقُوقِ الْعِبَادِ، فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ (?) . فَفَصَّلَ الْمَوَارِيثَ، وَبَيَّنَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْإِرْثَ مِمَّنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَمَا يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ. وَبَيَّنَ مَا يَحِلُّ مِنَ الْمَنَاكِحِ وَمَا يَحْرُمُ، وَغَيْرَ ذَلِكَ.
فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى نُصُوصٍ كُلِّيَّةٍ تَتَنَاوَلُ الْأَنْوَاعَ، فَالرَّسُولُ أَحَقُّ بِهَذَا مِنَ الْإِمَامِ. وَإِنْ قِيلَ: لَا يُمْكِنُ، فَالْإِمَامُ أَعْجَزُ عَنْ هَذَا مِنَ الرَّسُولِ.