مِنْهُمْ لَا فِي دِينِهِ وَلَا فِي دُنْيَاهُ، لَمْ يَحْصُلْ لِأَحَدٍ (?) بِهِ شَيْءٌ مِنْ مَقَاصِدِ الْإِمَامَةِ (?) .
وَإِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ، لَمْ يَكُنْ بِنَا حَاجَةٌ إِلَى إِثْبَاتِ الْوَسِيلَةِ ; لِأَنَّ الْوَسَائِلَ لَا تُرَادُ إِلَّا لِمَقَاصِدِهَا (?) . فَإِذَا جَزَمْنَا بِانْتِفَاءِ الْمَقَاصِدِ كَانَ الْكَلَامُ فِي الْوَسِيلَةِ مِنَ السَّعْيِ الْفَاسِدِ، وَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَقُولُ: النَّاسُ يَحْتَاجُونَ إِلَى مَنْ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ صِفَتُهُ كَذَا وَالشَّرَابُ صِفَتُهُ كَذَا، وَهَذَا عِنْدَ الطَّائِفَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَتِلْكَ الطَّائِفَةُ قَدْ عُلِمَ أَنَّهَا مِنْ أَفْقَرِ النَّاسِ، وَأَنَّهُمْ مَعْرُوفُونَ بِالْإِفْلَاسِ.
وَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي طَلَبِ مَا يُعْلَمُ عَدَمُهُ، وَاتِّبَاعِ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَصْلًا؟ وَالْإِمَامُ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي شَيْئَيْنِ (?) . إِمَّا فِي الْعِلْمِ؛ لِتَبْلِيغِهِ وَتَعْلِيمِهِ، وَإِمَّا فِي الْعَمَلِ بِهِ؛ لِيُعِينَ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ بِقُوَّتِهِ وَسُلْطَانِهِ.
وَهَذَا الْمُنْتَظَرُ لَا يَنْفَعُ لَا بِهَذَا وَلَا بِهَذَا. بَلْ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ فَهُوَ مِنْ كَلَامِ مَنْ قَبْلَهُ، وَمِنَ الْعَمَلِ، إِنْ كَانَ مِمَّا يُوَافِقُهُمْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ اسْتَعَانُوا بِهِمْ، وَإِلَّا اسْتَعَانُوا بِالْكُفَّارِ وَالْمَلَاحِدَةِ وَنَحْوِهِمْ، فَهُمْ أَعْجَزُ النَّاسِ فِي الْعَمَلِ، وَأَجْهَلُ النَّاسِ فِي الْعِلْمِ، مَعَ دَعْوَاهُمُ ائْتِمَامَهُمْ بِالْمَعْصُومِ، الَّذِي مَقْصُودُهُ الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ لَا عِلْمٌ وَلَا قُدْرَةٌ، فَعُلِمَ انْتِفَاءُ هَذَا مِمَّا يَدَّعُونَهُ.