وَقَوْلُ هَذَا الرَّافِضِيِّ: " انْظُرْ بِعَيْنِ الْإِنْصَافِ إِلَى كَلَامِ هَذَا الرَّجُلِ (?) ، هَلْ خَرَجَ مُوجِبُ الْفِتْنَةِ عَنِ الْمَشَايِخِ أَوْ تَعَدَّاهُمْ؟ ".
فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: أَمَّا الْفِتْنَةُ فَإِنَّمَا ظَهَرَتْ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الشِّيعَةِ، فَإِنَّهُمْ أَسَاسُ كُلِّ فِتْنَةٍ وَشَرٍّ، وَهُمْ قُطْبُ رَحَى الْفِتَنِ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ قَتْلُ عُثْمَانَ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «ثَلَاثٌ مَنْ نَجَا مِنْهُنَّ فَقَدْ نَجَا: مَوْتِي، وَقَتْلِ خَلِيفَةٍ مُضْطَهَدٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالدَّجَّالِ» " (?) .
وَمَنِ (?) اسْتَقْرَأَ أَخْبَارَ الْعَالَمِ فِي جَمِيعِ الْفِرَقِ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَطُّ طَائِفَةٌ أَعْظَمُ اتِّفَاقًا عَلَى الْهُدَى وَالرُّشْدِ، وَأَبْعَدُ عَنِ الْفِتْنَةِ وَالتَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، الَّذِينَ هُمْ خَيْرُ الْخَلْقِ بِشَهَادَةِ اللَّهِ لَهُمْ بِذَلِكَ، إِذْ يَقُولُ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 110] .
كَمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأُمَمِ أَعْظَمُ اجْتِمَاعًا عَلَى الْهُدَى، وَأَبْعَدُ عَنِ التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ، مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، لِأَنَّهُمْ أَكْمَلُ اعْتِصَامًا بِحَبْلِ اللَّهِ، الَّذِي هُوَ كِتَابُهُ الْمُنَزَّلُ، وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ نَبِيِّهِ الْمُرْسَلِ. وَكُلُّ مَنْ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الِاعْتِصَامِ