فَانْظُرْ بِعَيْنِ الْإِنْصَافِ إِلَى كَلَامِ هَذَا الرَّجُلِ، هَلْ خَرَجَ مُوجِبُ الْفِتْنَةِ (?) عَنِ الْمَشَايِخِ أَوْ تَعَدَّاهُمْ؟ ".
وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ هَذَا الْكَلَامُ مِمَّا يُبَيِّنُ تَحَامُلُ الشَّهْرَسْتَانِيِّ فِي هَذَا الْكِتَابِ مَعَ الشِّيعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ أَحْوَالِهِمْ أَنَّ الْحَقَّ مَعَهُمْ دُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ. وَلَمَّا ذَكَرَ عَلِيًّا قَالَ (?) : " وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ الْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ وَعَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ " (?) وَالنَّاقِلُ الَّذِي لَا غَرَضَ لَهُ: إِمَّا أَنْ يَحْكِيَ الْأُمُورَ بِالْأَمَانَةِ، وَإِمَّا أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ ذِي حَقِّ حَقَّهُ. فَأَمَّا دَعْوَى الْمُدَّعِي أَنَّ الْحَقَّ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ وَعَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ، وَتَخْصِيصُهُ بِهَذَا دُونَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ الشِّيعَةِ.
وَمِمَّا يُبَيِّنُ فَسَادَ هَذَا الْكَلَامِ قَوْلُهُ: " إِنَّ الِاخْتِلَافَ وَقَعَ فِي زَمَنِ عَلِيٍّ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ وَعَقْدِ الْبَيْعَةِ لَهُ ". وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُونُوا بَايَعُوهُ، حَتَّى كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ الَّذِينَ رَأَوْهُ لَمْ يَكُونُوا بَايَعُوهُ، دَعِ الَّذِينَ كَانُوا بَعِيدِينَ، كَأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ.
وَكَيْفَ يُقَالُ مِثْلُ هَذَا فِي بَيْعَةِ عَلِيٍّ وَلَا يُقَالُ فِي بَيْعَةِ عُثْمَانَ الَّتِي (?) اجْتَمَعَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ وَلَمْ يَتَنَازَعْ فِيهَا اثْنَانِ؟ .