يُفْهَمُ مِنَ الْكَلَامِ. فَهَذَا لَا يَقُولُهُ إِلَّا مُفْرِطٌ فِي الْجَهْلِ بِأَحْوَالِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسِيرَتِهِ، فَإِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ فِي عَامِ [فَتْحِ] مَكَّةَ (?) ، بَعْدَ أَنْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَرَ دَمَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، أَتَى عُثْمَانُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَايَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مُرَاجَعَةِ عُثْمَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَحَقَنَ دَمَهُ، وَصَارَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْمَعْصُومِينَ، لَهُ مَا لَهُمْ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ. وَقَدْ كَانَ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ [النَّاسِ] مُعَادَاةً لِلنَّبِيِّ (?) عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. وَإِنَّمَا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَرَ دَمَهُ كَمَا أَهْدَرَ دِمَاءَ قَوْمٍ بِغِلَظِ كُفْرِهِمْ إِمَّا بِرِدَّةٍ مُغَلَّظَةٍ، كَمَقِيسِ بْنِ صُبَابَةَ.
«وَعَبْدُ اللَّهِ هَذَا كَانَ كَاتِبًا لِلْوَحْيِ فَارْتَدَّ، وَافْتَرَى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ لَمَّا قَدِمَ بِهِ عُثْمَانُ عَفَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ بَايَعَهُ. فَقَالَ: " أَمَا فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَنْظُرُ إِلَيَّ وَقَدْ أَعْرَضْتُ عَنْ هَذَا فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَّا أَوْمَضْتَ إِلَيَّ؟ فَقَالَ: " مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنَّ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ» " (?) .