وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ جَعْلَ (?) مِثْلِ هَذَا خِلَافًا فَقَدْ كَانَ مِثْلُ هَذَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَدْ طَعَنَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ فِي إِمَارَةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَبَعْضُهُمْ فِي إِمَارَةِ أُسَامَةَ ابْنِهِ، وَقَدْ كَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ يَطْعَنُ فِيمَنْ يُوَلِّيهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. ثُمَّ إِنَّ الْقَائِلَ لَهَا كَانَ طَلْحَةُ وَقَدْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ تَعْظِيمًا [لِعُمَرَ] (?) ، كَمَا أَنَّ الَّذِينَ طَعَنُوا فِي إِمَارَةِ زَيْدٍ وَأُسَامَةَ رَجَعُوا عَنْ طَعْنِهِمْ طَاعَةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَقَوْلُهُ (?) : " الْخِلَافُ (?) الثَّامِنُ: فِي إِمْرَةِ (?) الشُّورَى، وَاتَّفَقُوا بَعْدَ الِاخْتِلَافِ عَلَى إِمَارَةِ عُثْمَانَ ".
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الَّذِي اتَّفَقَ أَهْلُ النَّقْلِ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ ; فَإِنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَلَكِنْ بَقِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُشَاوِرُ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَخْبَرَ أَنَّ النَّاسَ لَا يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، وَأَنَّهُ شَاوَرَ حَتَّى الْعَذَارَى فِي خُدُورِهِنَّ. وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ أَحَدٍ كَرَاهَةٌ، لَمْ يَنْقُلْ - أَوْ قَالَ - أَحَدٌ شَيْئًا وَلَمْ يُنْقَلْ إِلَيْنَا.
فَمِثْلُ هَذَا قَدْ يَجْرِي فِي مِثْلِ (?) هَذِهِ الْأُمُورِ. وَالْأَمْرُ الَّذِي يَتَشَاوَرُ فِيهِ النَّاسُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ كَلَامٍ، لَكِنْ لَا يُمْكِنُ الْجَزْمُ بِذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الْحَزْرِ.