لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، كَمَا اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُورَثُ.
الثَّانِي: أَنَّهُمْ لَمْ يُرْوَ لَهُمْ مِنَ النُّصُوصِ الصَّرِيحَةِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا رُوِيَ لَهُمْ فِي مِيرَاثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
الثَّالِثُ: الْخِلَافُ هُنَا فِي قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَتَعَدَّدُ، وَالنِّزَاعُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْ جِنْسٍ مُتَعَدِّدٍ، وَعَامَّةُ النِّزَاعِ فِي تِلْكَ هِيَ [نِزَاعٌ] فِي (?) قَلِيلٍ مِنَ الْمَالِ: هَلْ يَخْتَصُّ بِهِ نَاسٌ مُعَيَّنُونَ؟ .
وَأُولَئِكَ الْقَوْمُ قَدْ أَعْطَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مِنْ مَالِ اللَّهِ، بِقَدْرِ مَا خَلَّفَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً. وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهَا كَانَتْ مِيرَاثًا، مَعَ أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ فَإِنَّمَا أَخَذَ مِنْهُمْ قَرْيَةً لَيْسَتْ كَبِيرَةً، لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُمْ مَدِينَةً وَلَا قَرْيَةً عَظِيمَةً.
وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا، وَيَكُونُ النِّزَاعُ فِي مَوَارِيثِ الْهَاشِمِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَضْعَافِ أَمْوَالِ فَدَكٍ، وَلَا يُنْسَبُ الْمُتَنَازِعُونَ فِيهَا إِلَى ظُلْمٍ، إِذَا كَانُوا قَائِلِينَ بِاجْتِهَادِهِمْ.
فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْخُلَفَاءَ اجْتَهَدُوا، فَأَعْطَوُا الْمِيرَاثَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ، كَانَ أَضْعَافُ هَذَا يَقَعُ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُجْتَهِدِينَ، الَّذِينَ هُمْ دُونَ الْأَئِمَّةِ، وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي دِينِهِمْ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِي الْبَاطِنِ لِأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا بِاجْتِهَادِهِمْ، فَكَيْفَ بِالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ.