النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي حَقِّهِ: «مَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ وَلَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ عَلَى ذِي (?) لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ» . وَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنَّهُ يُحِبُّ أَرْبَعَةً مِنْ أَصْحَابِي وَأَمَرَنِي بِحُبِّهِمْ. فَقِيلَ لَهُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: عَلِيٌّ سَيِّدُهُمْ، وَسَلْمَانُ، وَالْمِقْدَادُ، وَأَبُو ذَرٍّ» ".
فَالْجَوَابُ: أَنَّ أَبَا ذَرٍّ سَكَنَ الرَّبَذَةَ وَمَاتَ بِهَا لِسَبَبِ مَا كَانَ يَقَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنَّ أَبَا ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ (?) رَجُلًا صَالِحًا زَاهِدًا، وَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الزُّهْدَ وَاجِبٌ، وَأَنَّ مَا أَمْسَكَهُ الْإِنْسَانُ (?) فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ فَهُوَ كَنْزٌ يُكْوَى بِهِ فِي النَّارِ، وَاحْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَا لَا حُجَّةَ فِيهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. احْتَجَّ (?) بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 34] ، وَجَعَلَ الْكَنْزَ مَا يَفْضُلُ عَنِ الْحَاجَةِ، وَاحْتَجَّ بِمَا سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: " «يَا أَبَا ذَرٍّ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا يَمْضِي عَلَيْهِ ثَالِثَةٌ (?) وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ، إِلَّا دِينَارًا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ» ". وَأَنَّهُ قَالَ: " «الْأَكْثَرُونَ هُمُ الْأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا» (?) ".